موسوعة الفرق

المَبحَثُ الثَّالثُ: تقسيمُ المُعتَزِلةِ للصِّفاتِ


ذكَر المُعتَزِلةُ تقسيمًا خاصًّا بهم للصِّفاتِ، لكنَّ المُلاحَظَ أنَّ هذا التَّقسيمَ لا أثرَ له في حقيقةِ مذهَبِهم؛ لأنَّه -وكما سيتبيَّنُ- أنَّ المُعتَزِلةَ تنفي قيامَ جميعِ الصِّفاتِ باللهِ عزَّ وجلَّ على الحقيقةِ.
ذكَر القاضي عبدُ الجبَّارِ أنَّ صفاتِ اللهِ ثلاثةُ أقسامٍ:
1- صفاتٌ يختصُّ بها على وَجهٍ لا يُشارِكُه فيه غَيرُه، مِثلُ كونِه قديرًا وغنيًّا.
2- صفاتٌ يُشارِكُه فيها غَيرُه في نَفسِها، ويُخالِفُه في كيفيَّةِ استِحقاقِه لها [456] يُنظر: ((شرح الأصول الخمسة)) (ص: 183). ، نَحوُ كونِه قادِرًا، عالِمًا، حيًّا، موجودًا.
3- صفاتٌ يُشارِكُه فيها غَيرُه في نَفسِ الصِّفةِ وفي جهةِ الاستِحقاقِ، نَحوُ كونِه مُدرِكًا، ومُريدًا، وكارِهًا؛ فإنَّ اللهَ مُدرِكٌ لكونِه حيًّا بشرطِ وُجودِ المُدرَكِ، كذلك الواحِدُ منَّا، وكذلك هو مُريدٌ وكارِهٌ بالإرادةِ والكراهيَةِ، وكذلك الواحِدُ منَّا، إلَّا أنَّ ثَمَّ فَرقًا هو أنَّ القديمَ تعالى حيٌّ لذاتِه؛ فلا يحتاجُ إلى حاسَّةٍ، ومُريدٌ وكارِهٌ بإرادةٍ وكراهةٍ موجودتَينِ لا في محَلٍّ، في حينِ أنَّ الواحِدَ منَّا مُريدٌ وكارِهٌ لمعنيَينِ مُحدَثَينِ في قلبِه [457] يُنظر: ((شرح الأصول الخمسة)) (ص: 130). .
وعليه فإنَّ هذا التَّقسيمَ لا أثرَ له في حقيقةِ مذهَبِهم في الصِّفاتِ؛ لأنَّهم لا يُثبِتونَ الصِّفاتِ حقيقةً في الذَّاتِ، وهذا الأمرُ سيتَّضِحُ أكثَرَ عندَ الكلامِ على منهَجِهم في النَّفيِ في بابِ الصِّفاتِ.

انظر أيضا: