موسوعة الفرق

المَبحَثُ الأوَّلُ: مِن أبرَزِ ملامِحِ الاعتِزالِ: تأثُّرُهم بالفلسفةِ اليونانيَّةِ


إنَّ المُعتَزِلةَ قومٌ قد فُتِنوا بالفلسفةِ اليونانيَّةِ، وبالمنطِقِ اليونانيِّ، وبما نُقِل عن الفلسفةِ الهنديَّةِ والأدَبِ الفارِسيِّ، وقد كانوا كُلُّهم أو جُمهورُهم ممَّن يَمُتُّونَ إلى الأصلِ الفارِسيِّ، فأوَّلوا القرآنَ لينسجِمَ معَ تلك الفلسفةِ، وكذَّبوا الأحاديثَ التي تتعارَضُ معَ هذه العقليَّةِ اليونانيَّةِ الوَثَنيَّةِ [424] يُنظر: ((السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي)) للسباعي (ص: 7، 359). .
لقد شاعت الفلسفةُ اليونانيَّةُ في القَرنِ الخامسِ الهِجريِّ شُيوعًا كاد أن يهُزَّ النُّفوسَ، وأصبَح أذكياءُ الأمَّةِ يُقبِلونَ على الفلسفةِ ومباحِثِها مِن غَيرِ تمييزٍ للنَّافِعِ عن الضَّارِّ، وأدَّى هذا الموقِفُ الانهِزاميُّ الذي تردَّى فيه هؤلاء إلى أنَّهم حاوَلوا إخضاعَ الدِّينِ إلى نظريَّاتِ الفلسفةِ وفرضيَّاتِها تحتَ شِعارِ التَّوفيقِ بَينَ الدِّينِ والفلسفةِ [425] يُنظر: ((مفهوم تجديد الدين)) لبسطامي سعيد (ص: 77، 81). .
الأسبابُ التي أدَّت إلى وُقوعِ المُعتَزِلةِ في أحضانِ الفلسفةِ ودِراستِها سببانِ:
السَّببُ الأوَّلُ: أنَّهم وجَدوا فيها مِرانًا عقليًّا جعَلهم يَلحَنونَ بالحُجَّةِ في قوَّةٍ.
السَّببُ الثَّاني: أنَّ الفلاسِفةَ وغَيرَهم لمَّا هاجَموا بعضَ المبادِئِ الإسلاميَّةِ تصدَّى هؤلاء للرَّدِّ عليهم، واستخدَموا بعضَ طُرقِهم في النَّظرِ والجَدلِ، وتعلَّموا كثيرًا منها؛ ليستطيعوا الانتِصارَ عليهم [426] يُنظر: ((تاريخ المذاهب الإسلامية)) لأبي زهرة (ص: 145). .

انظر أيضا: