موسوعة الفرق

تمهيدٌ: طبيعةُ الانتقالاتِ الفكريَّةِ لدى المعتزلةِ


مِن خصائِصِ الفِكرةِ المُبتدَعةِ أنَّها عادةً تبدأُ ساذَجةً في اللَّفظِ والمعنى، ثُمَّ لا تلبَثُ أن تتعقَّدَ وتتفرَّعَ، بل تتغيَّرُ وتتبدَّلُ، ثُمَّ تتناقَضُ وتتضارَبُ، فإذا كثيرٌ مِن مبادِئِها الأوَّليَّةِ قد تغيَّر تغيُّرًا تامًّا، وهي في كُلِّ ذلك تسيرُ مِن سيِّئٍ إلى أسوَأَ، وتزدادُ انحِرافًا وبُعدًا عن الحقِّ، وما ذلك إلَّا لاعتِمادِها على العقلِ فيما لا يُدرِكُه العقلُ؛ لذلك قيل: إنَّ صاحِبَ البِدعةِ بعيدٌ عن التَّوبةِ منها [374] يُنظر: ((الاعتصام للشاطبي)) (1/214). .
عن يحيى بنِ أبي عَمرٍو الشَّيبانيِّ قال: (ما انتقَل صاحِبُ بِدعةٍ إلَّا إلى أشرَّ منها) [375] يُنظر: ((الاعتصام للشاطبي)) (1/214). .
فصاحِبُ البِدعةِ ينتقِلُ مِن حالٍ إلى حالٍ أسوَأَ كلَّما أوغَل في بِدعتِه، وقد ظهر ذلك جليًّا في فِكرِ المُعتَزِلةِ وتطوُّرِ مقالاتِهم خلالَ ثلاثةِ قُرونٍ، هي فترةُ حياةِ الاعتِزالِ بوصفِها فِرقةً مُستقلَّةً واضِحةً.

انظر أيضا: