موسوعة الفرق

المَبحَثُ الثَّامنَ عَشرَ: مِن الفِرَقِ الاعتِزاليَّةِ: فِرقةُ الخيَّاطيَّةِ


وهُم أتباعُ أبي الحُسَينِ؛ عبدِ الرَّحيمِ بنِ مُحمَّدٍ الخيَّاطِ، مِن أصحابِ جَعفَرِ بنِ مُبشِّرٍ، تُوفِّي نَحوَ سنةِ (290هـ)، وهو أستاذُ الكَعبيِّ في ضلالاتِه، وشارَك أكثَرَ القَدريَّةِ في ضلالاتِها، وانفرَد عنها بقولٍ لم يُسبَقْ إليه في المعدومِ، مُخالِفًا فيه جميعَ المُعتَزِلةِ وسائِرَ فِرَقِ الأمَّةِ؛ فزعَم أنَّ الجسمَ في حالِ عَدمِه يكونُ جسمًا؛ لأنَّه يجوزُ أن يكونَ في حالِ حُدوثِه جسمًا، ولم يَجُزْ أن يكونَ المعدومُ مُتحرِّكًا؛ لأنَّ الجسمَ في حالِ حُدوثِه لا يصِحُّ أن يكونَ مُتحرِّكًا عندَه، فقال: كُلُّ وصفٍ يجوزُ ثُبوتُه في حالِ الحُدوثِ فهو ثابِتٌ له في حالِ عَدمِه، ويلزَمُه على هذا الاعتِلالِ أن يكونَ الإنسانُ قَبلَ حُدوثِه إنسانًا؛ لأنَّ اللهَ تعالى لو أحدَثه على صورةِ الإنسانِ بكمالِها مِن غَيرِ نَقلٍ له في الأصلابِ والأرحامِ، ومِن غَيرِ تغييرٍ له مِن صورةٍ إلى صورةٍ أخرى يصِحُّ ذلك.
وقد لُقِّبَت هذه الفرقةُ بالمعدوميَّةِ؛ لإفراطِهم في وصفِ المعدومِ بأكثَرِ أوصافِ الموجوداتِ، وقد نقَض الجُبَّائيُّ على الخيَّاطِ قولَه: بأنَّ الجسمَ جسمٌ قَبلَ حُدوثِه، في كتابٍ مُفرَدٍ، وذكَر أنَّ قولَه بذلك يُؤدِّي إلى القولِ بقِدَمِ الأجسامِ. كذلك كان الخيَّاطُ يُنكِرُ الحُجَّةَ في أخبارِ الآحادِ؛ قال البغداديُّ: (وما أراد بقولِه هذا إلَّا إنكارَ أكثَرِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ؛ وذلك لأنَّ أكثَرَ فُروضِ الفِقهِ مبنيَّةٌ على أخبارِ الآحادِ) [348] ((الفَرق بين الفِرَق)) (ص: 164). ويُنظر: ((المِلَل والنِّحَل)) للشَّهْرَسْتانيِّ (1/ 77)، ((اعتقادات فرق المسلمين والمشركين)) للرازي (ص: 44)، ((المواعظ والاعتبار)) للمَقْريزي (4/ 174). .

انظر أيضا: