موسوعة الفرق

المسألةُ الخامسةُ: هل يجوزُ من اللهِ التَّكليفُ بما لا يُطاقُ؟


الأشْعَريَّةُ على الجوازِ، والماتُريديَّةُ على المنعِ.
وما لا يُطاقُ أنواعٌ ثلاثةٌ:
النَّوعُ الأوَّلُ: المُستحيلُ عقلًا
كالجمعِ بَينَ النَّقيضينِ أو الضِّدَّينِ، أو قَلبِ الحقائِقِ، فهذا لا يجوزُ التَّكليفُ به إجماعًا.
النَّوعُ الثَّاني: المُستحيلُ عادةً لانتفاءِ شَرطٍ، أو وجودِ مانعٍ
كطيرانِ الإنسانِ، وهذا هو محَلُّ النِّزاعِ.
النَّوعُ الثَّالثُ: المُستحيلُ وقوعًا لعِلمِ اللهِ تعالى بعدَمِ وقوعِه:
كإيمانِ أبي جهلٍ مَثَلًا؛ فإنَّه ليس مستحيلًا لا عقلًا ولا عادةً، بل استحال وقوعًا؛ لعلمِ اللهِ تعالى بعدَمِ وُقوعِه، فهذا النَّوعُ قد وقع به التَّكليفُ إجماعًا بلا خلافٍ؛ فأبو جهلٍ كان مكَلَّفًا بالإيمانِ، وفي مِثْلِه لا يقالُ: إنَّه تكليفٌ بما لا يطاقُ؛ لأنَّ أبا جهلٍ كان قادرًا على الإيمانِ، فلم يَسلُبِ اللهُ عنه القُدرةَ على الإيمانِ، وإنما اختار الكُفرَ باختيارِه.
والحقُّ عدَمُ جوازِ التَّكليفِ بما لا يُطاقُ عقلًا ونقلًا؛ أمَّا عقلًا فلأنَّه سفَهٌ يخالِفُ حِكمةَ اللهِ تعالى، وقسوةٌ تخالِفُ رحمةَ اللهِ، وظُلمٌ يخالِفُ عَدلَه وإحسانَه.
وأمَّا نقلًا فلقولِه تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286] .
وهذا هو مَذهَبُ أهلِ السُّنَّةِ، وقَدَرُ اللهِ تعالى وسَبقُ عِلمِه سُبحانَه لا يجعلانِ العبدَ مجبورًا، ولا يقالُ: إنَّ ذلك تكليفٌ بما لا يطاقُ، فمَذهَبُ الأشْعَريَّةِ في غايةِ الفسادِ، وهو يدُلُّ على أنَّهم جبريَّةٌ.

انظر أيضا: