موسوعة الفرق

المَبحَثُ الأوَّلُ: حياةُ مُؤَسِّسِ الماتُريديَّةِ


لم تذكُرْ كُتُبُ التَّراجمِ والتَّواريخِ والعقائِدِ شَيئًا كثيرًا عن حياةِ أبي منصورٍ الماتُريديِّ، وهذه خلاصةُ ترجمتِه:
هو أبو منصورٍ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمودٍ الماتُريديُّ السَّمَرقَنْديُّ، الملقَّبُ بإمامِ الهدى والدِّينِ، وإمامِ المتكَلِّمين، ورئيسِ أهلِ السُّنَّةِ، والإمامِ الزَّاهِدِ [12] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/ 37)، ((المحيط البرهاني في الفقه النعماني)) لابن مازة (3/ 144) و (5/ 413)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (1/ 429)، ((طبقات المفسرين)) للأدنه وي (ص: 69).         .
وماتُريدُ -ويُقالُ: ماتُريت- محلَّةٌ من سَمَرْقَندَ [13] يُنظر: ((الأنساب)) للسمعاني (12/ 2).         ، وسَمَرْقَند: مدينةٌ في أُوزبَكِستان.
وُلِد أبو منصورٍ الماتُريديُّ في النِّصفِ الأوَّلِ من القَرنِ الثَّالثِ الهِجريِّ، في حوالي سنة 238هـ، وتوفِّي بسَمَرْقَندَ سنة 333هـ، عن 95 سنة تقريبًا [14] يُنظر: ((تفسير الماتريدي)) المقدمة بتحقيق مجدي با سلوم (1/ 74)، ((الماتريدية دراسة وتقويمًا)) لأحمد الحربي (ص: 93 - 96)، ((أبو منصور الماتريدي حياته وآراؤه العقدية)) للغالي (ص: 41 - 44).  .
وكان أبو منصورٍ الماتُريديُّ من أتباعِ مَذهَبِ أبي حنيفةَ، وكان متميِّزًا بالذَّكاءِ والنُّبوغِ، وحَذقَ العلومَ المختلفةَ، وألَّف مؤلَّفاتٍ كثيرةً في العقائِدِ والرَّدِّ على المُعتزِلة، وكان مطَّلِعًا على الفلسفةِ اليونانيَّةِ، ويدُلُّ على ذلك ذِكرُه لفِرَقِها، ورَدُّه على آراءِ الفلاسفةِ، والنَّاظِرُ في تفسيرِه يعجَبُ من كثرةِ الفوائدِ التي يذكُرُها، والاستنباطاتِ التي يستخرِجُها؛ ففي تفسيرِه فوائدُ نفيسةٌ لا يكادُ يجِدُها النَّاظِرُ في كتُبِ غَيرِه من المُفَسِّرين، إلَّا أنَّه بسببِ خَوضِه في علمِ الكلامِ وتأثُّرِه بالفلسفةِ وقع في زلَّاتٍ عديدةٍ في تفسيرِه؛ كتأويلِ آياتِ الصِّفات بما يخالِفُ منهجِ السَّلَفِ الصَّالحِ [15] يُنظر: ((أصول الدين)) للبَزْدَوي (ص: 14)، ((التمهيد في أصول الدين)) لأبي المعين النسفي (ص: 35)، ((أبو منصور الماتريدي حياته وآراؤه العقدية)) للغالي (ص: 47، 53 - 57، 64)، ((تفسير الماتريدي)) مقدمة المحقق مجدي باسلوم (1/ 301).       .
قال عبد القادِرِ القُرَشيُّ الحَنَفيُّ: (محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمودٍ أبو منصورٍ الماتُريديُّ، من كبارِ العُلَماءِ، تخرَّج بأبي نصرٍ العِياضيِّ، كان يقالُ له: إمامُ الهدى،... مات سنة ثلاثٍ وثلاثينَ وثلاثمائةٍ بعدَ وفاةِ أبي الحسَنِ الأشْعَريِّ بقليلٍ، وقَبرُه بسَمَرْقَند) [16] ((الجواهر المضية في طبقات الحنفية)) (2/ 130).       .
وقال أحمدُ الأدنه وي: (إمامُ الهدى والدِّين، كان إمامَ المُتكلِّمين، ومُصَحِّحَ عقائدِ المُسلِمينَ، نصره اللهُ بالصِّراطِ المستقيمِ، فصار في نصرةِ الدِّينِ القويمِ، تفقَّه على أبي بكرٍ أحمدُ الجُوزَجانيِّ عن أبي سُلَيمانَ الجُوزجانيِّ عن محمَّدٍ عن أبي حنيفةَ، وتفقَّه عليه الحكيمُ القاضي السَّمَرْقَنديُّ، وفقهاءُ ذلك العصرِ، وكانت وفاتُه في سَمَرْقَنْدَ في سنةِ ثلاثٍ وثلاثين وثلاثمائةٍ) [17] ((طبقات المفسرين)) (ص: 69).       .
وقال حاجي خليفة: (الشَّيخُ الإمامُ القدوةُ أبو منصورٍ محمَّدُ بنُ محمودٍ الماتُريديُّ الحنفيُّ، تفقَّه ببلَدِه، وتخرَّج بأبي نصرٍ العِياضيِّ، وكان من كبارِ العُلَماءِ، يقالُ له: إمامُ الهُدى) [18] ((سلم الوصول إلى طبقات الفحول)) (3/ 255).       .
وقال مرتضى الزَّبيديُّ: (كان إمامًا جليلًا، مناضلًا عن الدِّين، موطِّدًا لعقائدِ أهلِ السُّنَّةِ، قطع المُعتزِلةَ وذوي البِدَعِ في مناظراتِهم، وخَصَمَهم في محاوراتِهم حتى أسكَتهم، وكان يقالُ له: إمامُ الهدى) [19] ((إتحاف السادة المتقين)) (2/ 5).  .
وقال أبو الحَسَناتِ اللَّكنويُّ: (إمامُ المُتكلِّمينَ، ومُصَحِّحُ عقائدِ المُسلِمينَ، تفقَّه على أبي بكرٍ أحمدَ الجوزجانيِّ عن أبي سُلَيمانَ الجُوزجانيِّ عن محمَّدٍ، وتفقَّه عليه الحكيمُ القاضي إسحاقُ بنُ محمَّدٍ السَّمَرْقَنْديُّ، وعليٌّ  الرُّسْتُغْفنيُّ، وأبو محمَّدٍ عبدُ الكريمِ بنُ موسى البَزْدَويُّ، وصنَّف التَّصانيفَ الجليلةَ، وردَّ أكاذيبَ أقوالِ أصحابِ العقائدِ الباطِلةِ) [20] ((الفوائد البهية في تراجم الحنفية)) (ص: 195).  .

انظر أيضا: