موسوعة الفرق

المَبحَثُ الثَّالثُ: حُكمُ مُرتكِبِ الكبيرةِ عندَ الكَرَّاميَّةِ


وافَقَت الكَرَّاميَّةُ في مسألةِ مُرتكِبِ الكبيرةِ مقالةَ المُرجِئةِ؛ إذ جعَلوا الفاسِقَ مُؤمِنًا كامِلَ الإيمانِ، ويُثابُ ويُعاقَبُ، وأنَّه إن دخَل النَّارَ فإنَّه يخرُجُ منها [551] يُنظر: ((آراء المرجئة في مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية)) لعبدِ اللهِ السند (ص: 515). ويُنظر: ((منهاج السنة)) (2/302)، ((مجموع الفتاوى)) (7/223) كلاهما لابن تيمية. .
قال ابنُ تيميَّةَ: (قالت المُرجِئةُ على اختِلافِ فِرَقِهم: لا تُذهِبُ الكبائِرُ وتَركُ الواجباتِ الظَّاهِرةِ شيئًا مِن الإيمانِ؛ إذ لو ذهَب شيءٌ منه لم يبقَ شيءٌ، فيكونُ شيئًا واحِدًا يستوي فيه البَرُّ والفاجِرُ، ونُصوصُ الرَّسولِ وأصحابِه تدُلُّ على ذهابِ بعضِه، وبقاءِ بعضِه) [552] ((مجموع الفتاوى)) (7/223). .
وقال مُعلِّقًا على مسألةِ إثابةِ اللهِ تعالى للطَّائِعِ، وعَفوِه عن العاصي، أو مُعاقَبتِه: (هذا مَذهَبُ أهلِ السُّنَّةِ الخاصَّةِ، وسائِرِ مَن انتسَب إلى السُّنَّةِ والجماعةِ، كالكُلَّابيَّةِ، والكَرَّاميَّةِ، والأشعَريَّةِ، والسَّالِميَّةِ، وسائِرِ فِرَقِ الأمَّةِ مِن المُرجِئةِ وغَيرِهم، والخلافُ في ذلك معَ الخوارِجِ والمُعتزِلةِ؛ فإنَّهم يقولونَ بتخليدِ أهلِ النَّارِ) [553] ((منهاج السنة)) (2/302). .
ولمَّا ذكَر مُخالَفةَ الكَرَّاميَّةِ في مُسمَّى الإيمانِ قال: (الكَرَّاميَّةُ قولُهم في الإيمانِ قولٌ مُنكَرٌ لم يسبِقْهم إليه أحدٌ؛ حيثُ جعَلوا الإيمانَ قولَ اللِّسانِ، وإن كان معَ عَدمِ تصديقِ القلبِ، فيجعَلونَ المُنافِقَ مُؤمِنًا، لكنَّه يُخَلَّدُ في النَّارِ، فخالَفوا الجماعةَ في الاسمِ دونَ الحُكمِ، وأمَّا في الصِّفاتِ والقَدَرِ والوعيدِ فهُم أَشبَهُ مِن أكثَرِ طوائِفِ الكلامِ التي في أقوالِها مُخالَفةٌ للسُّنَّةِ) [554] ((مجموع الفتاوى)) (3/103). .

انظر أيضا: