موسوعة الفرق

المَطلَبُ الرَّابِعُ: أهلُ الحديثِ


هناك فَرْقٌ بَينَ مُصطَلَحِ أهلِ السُّنَّةِ وأهلِ الحديثِ، وإن عُبِّرَ بأحدِهما عن الآخَرِ في أبوابِ الاعتقادِ لِما بَينَهما من التَّقارُبِ في الغالبِ، وإلَّا فقد يكونُ المرءُ من أهلِ السُّنَّةِ وليس من أهلِ الحديثِ من النَّاحيةِ الصِّناعيةِ، أي: لا يكونُ مُحَدِّثًا، وقد يكونُ من أهلِ الحديثِ صِناعةً وليس هو من أهلِ السُّنَّةِ؛ فقد يكونُ عالِمًا بالحديثِ، وهو مُبتَدِعٌ مُخالِفٌ لأهلِ السُّنَّةِ في العقيدةِ. فليس المقصودُ بأهلِ الحديثِ المُحَدِّثين، بل المقصودُ المُتَّبِعون للحديثِ، وهم في مقابِلِ أهلِ الرَّأيِ، فمَثَلًا الفقيهُ الذي يُقَدِّمُ الدَّليلَ يُعَدُّ -بلا شَكٍّ- من أهلِ الحديثِ، وإن كان ليس محَدِّثًا بالمعنى الاصطِلاحيِّ المعروفِ، يعني: مشتَغِلًا بالحديثِ.
قال ابنُ تيميَّةَ: (مَذهَبُ أهلِ الحديثِ، وهم السَّلَفُ من القُرونِ الثَّلاثةِ، ومَن سلَك سبيلَهم من الخَلَفِ) [35] ((مجموع الفتاوى)) (6 / 355). .
ويَقصِدُ بقَولِه: (أهلُ الحديثِ) عامَّةَ من يتمَسَّكُ بالسُّنَّةِ النَّبَويَّةِ؛ فليس المرادُ بهم عُلَماءَ الحديثِ فحَسْبُ، بل تشمَلُ كُلَّ من يتَّبِعُ الحديثَ، سواءٌ كان من عُلَماءِ القُرآنِ أو التَّفسيرِ أو الفِقهِ، أو غيرِ ذلك.
قال أيضًا: (نحن لا نعني بأهلِ الحديثِ المُقتَصِرين على سماعِه أو كتابتِه أو روايتِه، بل نعني بهم كُلَّ من كان أحَقَّ بحِفظِه، ومَعرفتِه وفَهمِه ظاهرًا وباطنًا، واتِّباعِه باطنًا وظاهرًا، وكذلك أهلُ القرآنِ، وأدنى خَصلةٍ في هؤلاء محبَّةُ القُرآنِ والحديثِ، والبَحثُ عنهما وعن معانيهما، والعَمَلُ بما عَلِموه من مُوجِبِهما، ففُقهاءُ الحديثِ أخبَرُ بالرَّسولِ من فُقَهاءِ غَيرِهم) [36] ((مجموع الفتاوى)) (4/85 – 95). .

انظر أيضا: