موسوعة الفرق

المَطلَبُ الأوَّلُ: أتباعُ السَّلَفِ الصَّالحِ


يقال: سَلَفُ الرَّجُلِ: آباؤه المتقَدِّمون، والجَمعُ أسلافٌ وسُلَّافٌ، وقد استُدِلَّ لمجيءِ السَّلَفِ على المتقَدِّمِ بقولِ اللهِ تعالى: فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ [الزخرف: 56] ، وقولِ اللهِ سُبحانَه: فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة: 275] [20] يُنظر: ((المفردات)) للراغب (ص: 239) .
وقيل: سَلَفُ الإنسانِ: مَن تقَدَّمه بالموتِ من آبائِه وذوي قرابتِه؛ ولهذا سُمِّيَ الصَّدرُ الأوَّلُ مِن التَّابعين السَّلَفَ الصَّالحَ [21] يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (6/331). .
والسَّلَفُ الصَّالحُ قد تقَدَّمونا وهم قُدوَتُنا.
وقد اختلف العُلَماءُ في المفهومِ من إطلاقِ تَسميةِ السَّلَفِ، وعلى من تُطلَقُ، وفي أيِّ زَمَنٍ أُطلِقَت، وهل هذا الوَصفُ باقٍ يَصِحُّ الانتسابُ إليه أم لا؟
فذهب المحَقِّقون من أهلِ العِلمِ إلى أنَّ مفهومَ السَّلَفِ عِندَ الإطلاقِ يُرادُ به الصَّحابةُ الكِرامُ والتَّابعون لهم بإحسانٍ وأتباعُ التَّابعين، من أهلِ القُرونِ الثَّلاثةِ الوارِدِ ذِكرُهم في حديثِ: ((خَيرُ النَّاسِ قَرْني، ثمَّ الذين يَلونَهم، ثمَّ الذين يَلونَهم )) [22] أخرجه البخاري (2652)، ومسلم (2533) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه. ، ويُطلَق كذلك على مَن سَلَك سبيلَهم.
وقال ابنُ عُثَيمين: (السَّلَفيَّةُ: هي اتِّباعُ مَنهَجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه؛ لأنَّهم هم الذين سَلَفونا وتقَدَّموا علينا، فاتِّباعُهم هو السَّلَفيَّةُ. وأمَّا اتخاذُ السَّلَفيَّةِ كمَنهَجٍ خاصٍّ ينفَرِدُ به الإنسانُ ويُضَلِّلُ من خالفه من المُسلِمين ولو كانوا على حَقٍّ، واتخاذُ السَّلَفيَّةِ كمنهَجٍ حِزبيٍّ- فلا شَكَّ أنَّ هذا خلافُ السَّلَفيَّةِ... فـالسَّلَفيَّةُ بمعنى أن تكونَ حِزبًا خاصًّا له مميِّزاتُه، ويُضَلِّلَ أفرادُه مَن سواهم، فهؤلاء ليسوا من السَّلَفيَّةِ في شيءٍ. وأمَّا السَّلَفيَّةُ فاتِّباعُ منهَجِ السَّلَفِ عقيدةً وقولًا وعملًا، وائتلافًا واختلافًا، واتِّفاقًا وتراحُمًا وتوادًّا، كما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَثَلُ المؤمِنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم كمَثَلِ الجَسَدِ الواحِدِ، إذا اشتكى منه عُضوٌ تَداعى له سائِرُ الجَسَدِ بالحُمَّى والسَّهَرِ )) [23] أخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، ولفظُ مُسلِمٍ: ((مَثَلُ المؤمِنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مَثَلُ الجَسَدِ؛ إذا اشتكى منه عُضوٌ تداعى له سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى)). ؛ فهذه هي السَّلَفيَّةُ الحَقَّةُ) [24] ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 57). .
وبهذا يَتبيَّنُ أنَّ الصَّحابةَ هم السَّلَفُ الصَّالحُ، وأنَّ أفضَلَ النَّاسِ بَعدَ الصَّحابةِ هم التَّابِعون لهم بإحسانٍ، ثمَّ أتباعُ التَّابعين، ثمَّ مَن سار على نهجِهم دونَ تقييدٍ بزمَنٍ.

انظر أيضا: