موسوعة الفرق

المَبحَثُ السَّابعُ: الصُّفْريَّةُ


هذه الفِرقةُ الخارِجيَّةُ تُنسَبُ إلى زيادِ بنِ الأصفَرِ عِندَ الأشعَريِّ، والبَغداديِّ، والشَّهْرَسْتانيِّ، وصاحِبِ (كتابِ الأديانِ) [158] يُنظر: ((المقالات)) (1/182)، ((الفرق بين الفرق)) (ص: 90)، ((الملل والنحل)) (1/137)، ((الأديان)) لمؤلف إباضي مجهول (ص: 104). ، وغيرِهم.
وقد ترجَمَ لهم الشَّهْرَسْتانيُّ باسمِ الصُّفْريَّةِ الزِّياديَّةِ [159] ((الملل والنحل)) (1/137). ، وقد نسَبَهم الأشعَريُّ -في قولٍ ضعيفٍ فيما يظهَرُ- إلى عُبَيدةَ، وهو شخصٌ لم يوضِّحْه، قال: إنَّه (كان ممَّن خالَف نَجْدةَ ورجَع من اليمامةِ). فحينما كتَب نَجْدةُ إلى أهلِ البصرةِ وجاء الكتابُ وقُرِئَ عليهم، كان هناك ابنُ إباضٍ وعُبَيدةُ هذا، فاختلفوا بسَبَبِ ما جاء فيه نحوَ مُخالِفيهم؛ إذ كان يرى ابنُ إباضٍ أنَّ مُخالِفيهم كفَّارُ نِعمةٍ، وكان عُبَيدةُ يرى أن مُخالِفيهم مُشرِكون [160] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) (1/94). .
أمَّا المَلَطيُّ فقد خلَط في نسبةِ هذه الفِرقةِ وفي اسم زعيمِها بما خالف به كُلَّ من كتَب عن الصُّفْريَّةِ؛ فهو قد قال عنهم: (الصُّفْريَّةُ، وهم أصحابُ المُهَلَّبِ بن أبي صُفرةَ، خرجوا على الحَجَّاجِ مع يزيدَ بنِ المُهَلَّبِ، فقاتلوا الحجَّاجَ ولم يُؤذوا النَّاسَ ولا كَفروا المِلَّةَ، ولا قالوا بشيءٍ من أقوالِ الخَوارِجِ الذين تقدَّم ذِكرُهم، حتَّى هزَمَهم الحجَّاجُ وأبادهم ودخل يزيدُ في طاعتِه بَعدَ ذلك) [161] ((التنبيه والرد)) (ص: 56). .
فنِسبةُ هذه الفِرقةِ إلى المُهَلَّبِ بنِ أبي صُفرةَ غيرُ صحيحةٍ؛ فقد كان المُهَلَّبُ من أعدى أعداءِ الخَوارِجِ، وهو الذي فتك بهم فتكًا ذريعًا في عِدَّةِ معارِكَ رهيبةٍ، وقد عاد المَلَطيُّ بَعدَ عِدَّةِ صفحاتٍ من قولِه هذا، فقال: (ومنهم صِنفٌ يقالُ لهم الصُّفْريَّةُ سُمُّوا بعُبَيدِ بنِ الأصفَرِ) [162] ((التنبيه والرد)) (ص: 167). . ولعلَّ هذا هو الذي أشار إليه الأشعَريُّ.
وقد كان لهذه الفِرقةِ دولةٌ في المغربِ ظهرت بسَبَبِ وُصولِ عِكرِمةَ مولى ابنِ عبَّاسٍ؛ فقد قيل بأنَّه كان يدعو إلى ذلك المذهَبِ، فتأثَّر البربَرُ كثيرًا به؛ إذ كان هو منهم ويفهَمُ طبيعتَهم وما ينسَجِمُ معهم، وقد أنشأ حَلْقةَ تدريسٍ في مسجدِ القَيْروانِ وتَرَكه بنو أميَّةَ يعمَلُ ظاهِرًا في الحياةِ العامَّةِ؛ ممَّا يدُلُّ على أنَّ دعوتَه كانت سِرِّيَّةً، وإلَّا لَما تركوه يواصِلُ تدريسَه، ثُمَّ أخذت الدَّعوةُ تنتَشِرُ بكثرةِ الدُّعاةِ حتَّى شَمِلت كثيرًا من البربَرِ [163] يُنظر: ((الخلافة والخوارج في المغرب)) لعبد المطلب (ص: 28). ويُنظر: ((إبانة المناهج)) لابن أبي يحيى (ص: 115)، ((رسالة الدبسي)) للدبسي (ص: 27). .
وقد نَسب ابنُ حزمٍ إليهم [164] يُنظر: ((الفصل)) (4/190). فِرقةَ الفُضيليَّةِ، وهي الفَضليَّةُ عِندَ الأشعَريِّ [165] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) (1/197). ، ومن أقوالِهم: إنَّ من تلفَّظ بقَولٍ وهو يريدُ به خِلافَه في قرارةِ نَفسِه فإنَّه لا يَكفُرُ، ولو كان هذا الكلامُ الذي أضمَرَ المقصودَ منه يؤدِّي إلى الكُفرِ في حقيقتِه.
وقد بَيَّنَ المَلَطيُّ أنَّ اسمَ صاحِبِ هذه الفِرقةِ يُسَمَّى فضلًا أو فُضَيلًا كما قال بعضُهم [166] يُنظر: ((التنبيه والرد)) (ص: 179). .
وهناك فِرَقٌ صغيرةٌ لم يهتَمَّ أصحابُ المقالاتِ بها اهتمامًا كبيرًا ولم يَنسُبوها إلى إحدى الفِرَقِ المشهورةِ، وهي:
الحُسَينيَّةُ:
قال الأشعَريُّ عنها فيما يحكيه عن اليَمانِ بنِ رَبابٍ: (ذُكِرَ أنَّ صِنفًا منهم يُدعَون الحُسَينيَّةَ، ورئيسُهم رجُلٌ يُعرَفُ بأبي الحُسَينِ) [167] ((مقالات الإسلاميين)) (1/198). ، ولعلَّه يقصِدُ بها فِرقةَ الحُسَينيَّةِ التي ظهرت في المغرِبِ.
البِدْعيَّةُ:
ذكَر الشَّهْرَسْتانيُّ أنَّ البِدْعيَّةَ أصحابُ يحيى بنِ أصدَمَ، وكان من اعتقادِهم أنَّهم من أهلِ الجنَّةِ قَطعًا، من قال: إن شاء اللهُ، فهو شاكٌّ، بل يجِبُ القَطعُ بأنَّهم من أهلِ الجنَّةِ كما يَزعُمون لأنفُسِهم [168] يُنظر: ((الملل والنحل)) (1/134). .
الجَعْديَّةُ:
قال المَلَطيُّ: (إنَّما سُمُّوا بمُسلِمِ بنِ الجَعدِ، وكان من أهلِ الكوفةِ) [169] ((التنبيه والرد)) (ص: 170). .
التَّغلِبيَّةُ:
قال المَلَطيُّ: (سُمُّوا بتَغلِبَ، رأسِهم) [170] ((التنبيه والرد)) (ص: 168). .
العَزْريَّةُ:
قال المَلَطيُّ: (سُمُّوا برأسِهم ابنِ عَزْرةَ) [171] ((التنبيه والرد)) (ص: 168). .
السرِيَّةُ:
ذكَرها المَلَطيُّ ولم يَنسُبْها إلى أحدٍ، فقال: (ومنهم السريَّةُ) [172] ((التنبيه والرد)) (ص: 168). .
النَّجْرانيَّةُ:
ذكَرها المَلَطيُّ وسمَّاها النَّجْرانيَّةَ ولم يَنسُبْها إلى أحدٍ، ولعَلَّها فِرقةُ شَبيبٍ النَّجْرانيِّ، وقد ذكر لهذه الفِرقةِ سَبَبًا قال بأنَّه كان من أسبابِ تفَرُّقِهم وتكفيرِ بعضِهم بعضًا، وهو سبَبٌ تافِهٌ، بل من أتفَهِ الأمورِ وأحقَرِها؛ حيثُ قال: (ومنهم النَّجْرانيَّةُ، افترقوا في امرأةٍ يقالُ لها أمُّ نَجرانَ -ولعلَّ المَلَطيَّ نَسَب هذه الفِرقةَ إليها، غيرَ أنَّ المتبادِرَ إلى الذِّهنِ نِسْبَتُها إلى شَبيبٍ لشُهرةِ فِرقتِه- هاجرَت إلى بعضِ خَوارِجِهم فتزوَّجَت رجلًا في الهِجرةِ بالبَصرةِ من قَومِها، ثُمَّ استخْفَت فتزوَّجَتْ رجُلًا من أصحابِها سِرًّا، ثُمَّ ظهر عليها زوجُها الأوَّلُ من قومِها فقَرَّبها إليه، فتبَرَّأ منها بعضُهم وتوَلَّاها بعضُهم، وكَفَّروا من خالفَهم بعضُهم بعضًا) [173] ((التنبيه والرد)) (ص: 168، 169). .
الأعسَمِيَّةُ:
وهي نِسبةٌ إلى رئيسِهم زيادِ بنِ الأعسَمِ، وكان من أمرِه أنَّه خرجَ غاضِبًا على الأزارِقةِ والنَّجَداتِ والعَطَويَّةِ على أحداثِهم التي أحدَثوها، والتي رأى أنَّهم استوجَبوا بها البراءةَ منهم [174] يُنظر: ((الأديان)) لمؤلف إباضي مجهول (ص: 102، 103). .

انظر أيضا: