موسوعة الفرق

المَبحَثُ السَّادِسُ: البَيهَسيَّةُ


هي إحدى الفِرَقِ الرَّئيسيَّةِ للخَوارِجِ، وتُنسَبُ إلى أبي بَيهَسٍ، وقد اقتَصَر الأشعَريُّ وابنُ حزمٍ وصاحِبُ (إبانةِ المناهِج) على هذه الكُنيةِ، ولكِنَّه عِندَ البَغداديِّ هَيصَمُ بنُ عامرٍ، وعندَ الشَّهْرَسْتانيِّ: ابنُ جابرٍ، وهو أحَدُ بني سعدِ بنِ ضُبَيْعةَ [152] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/ 90)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 87)، ((الفصل)) لابن حزم (4/ 145)، ((التبصير)) للأسفراييني (ص: 60). .
وأمَّا المَلَطيُّ فيُسَمِّيه هَيصَمَ بنَ بَيهَسِ بنِ عامرٍ، وهو خَلطٌ في الاسمِ [153] يُنظر: ((التنبيه والرد)) (ص: 180). .
وقد أحدث أمورًا غَضِب عليه الحَجَّاجُ بسَبَبِها، وذلك في خلافةِ الوليدِ بنِ عبدِ المَلِكِ، فطلب الحجَّاجُ أبا بَيهَسٍ فهرب إلى المدينةِ فطلَبه بها عُثمانُ بنُ حَيَّانَ المُزَينيُّ فظَفِر به فأودعه السِّجنَ، وكان له عَلاقةٌ وصُحبةٌ ومُسامَرةٌ مع عُثمانَ، ولكِنَّ هذه الصُّحبةَ فُقِدت عِندَما جاء الأمرُ من الوليدِ بقَطِع يَدَي أبي بَيْهَسٍ ورِجْلَيه ثُمَّ بقَتلِه بَعدَ ذلك؛ فنفَّذ عُثمانُ هذا الأمرَ، ومَثَّل بأبي بَيهَسٍ تلك المُثْلةَ ثُمَّ قتَله.
قال صاحِبُ كتابِ (الأديان) عنه: إنَّه (ابتدع أشياءَ لم يبتَدِعْها أحدٌ قَبلَه، منها أنَّه استحَلَّ الهَدْيَ قَبلَ مَحِلِّه، واللهُ سُبحانَه وتعالى يقولُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ [المائدة: 2] ، ولم يَزَلْ بهم الشَّيطانُ حتَّى استحلُّوا نكاحَ المجوسِ ما لم يستَحِلَّه أحدٌ ممَّن مضى، واستحَلَّ أكْلَ كُلِّ ذي مَخلَبٍ من الطَّيرِ وذي نابٍ من السِّباعِ! وذهب إلى قولِه تعالى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ [الأنعام: 145] ، وما سوى ذلك عِندَه حلالٌ). إلى أن يقولَ: (ومن عجائِبِه أنَّ الإمامَ إذا كَفَر كَفَرت الرَّعيَّةُ الشَّاهِدُ منهم والغائِبُ!) [154] ((كتاب الأديان)) (ص: 104). .
وقد قال الدِّبسيُّ: إنَّ (الفِرقةَ الثَّانيةَ من الخَوارِجِ البَيْهسيَّةِ يجِبُ تكفيرُهم؛ لأنَّهم وافقوا القَدَريَّةَ في إسنادِ أفعالِ العبادِ إليهم) [155] ((رسالة الدبسي)) (ص: 26). .
وقد جعل الأشعَريُّ، ومِثلُه الشَّهْرَسْتانيُّ والبَغداديُّ وصاحِبُ (كتاب الأديان) والمَلَطيُّ هذه الفِرقةَ من فِرَقِ الخَوارِجِ الرَّئيسيَّةِ ولم يَعْزُها إلى إحدى الفِرَقِ [156] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/191)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/125)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 108)، ((إبانة المناهج)) لابن أبي يحي (ص: 155)، ((الاعتصام)) للشاطبي (2 /214). ، ولكِنَّ ابنَ حزمٍ يقولُ فيهم: (وهم من فِرَقِ الصُّفريَّةِ) [157] ((الفصل)) (4/190). ، ولكِنَّ الأكثَرين على خلافِه.

انظر أيضا: