موسوعة الفرق

المَبحَثُ الخامِسُ: العَجارِدةُ


تُنسَبُ العَجاردةُ إلى رجُلٍ يُسَمَّى عبدَ الكريمِ بنَ عَجْرَدٍ، وقد اختُلِف في مبدَأِ أمرِه؛ فذهب الأشعَريُّ والبغداديُّ إلى أنَّه كان من أصحابِ عطيَّةَ بنِ الأسوَدِ الحنَفيِّ [131] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/177)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 93). .
وذهب صاحِبُ كتابِ (الأديان) إلى أنَّه ينتَسِبُ إلى رجُلٍ يُسَمَّى أبا سعيدٍ، ثُمَّ خالفه [132] يُنظر: ((الأديان والفرق)) لمؤلف إباضي مجهول (ص: 104). ، وذهب الشَّهْرَسْتانيُّ إلى أنَّه -على قولٍ- كان من أصحابِ أبي بَيْهَسٍ ثُمَّ خالفه [133] يُنظر: ((الملل والنحل)) (1/128). .
والعَجارِدةُ أو الجرديَّةُ -كما يُسَمِّيها المَلَطيُّ [134] يُنظر: ((التنبيه والرد)) (ص: 168). - فِرقةٌ من فِرَقِ الخَوارِجِ الكبيرةِ، وقد انقسَمت فيما بينَها إلى فِرَقٍ كثيرةٍ، اختلف أهلُ المقالاتِ في عدَدِهم؛ لكثرةِ تفرُّعِهم، وكان تجمُّعُهم في مِنطَقةِ خُراسانَ، وهم أكثَرُ الخَوارِجِ بها.
وفِرَقُهم إجمالًا عِندَ الأشعَريِّ خَمسَ عَشْرةَ فِرقةً، بما في ذلك الفِرَقُ الفرعيَّةُ للثَّعالبةِ إحدى فِرَقِ العَجاردةِ، وهي الفِرقةُ الأولى منهم:
المَيمونيَّةُ / الخَلَفيَّةُ / الحَمزيَّةُ / الشُّعَيبيَّةُ / الخازِميَّةُ / المعلوميَّةُ / المَجهوليَّةُ / الصَّلتيَّةُ / الثَّعالبةُ / الأخنَسيَّةُ / المَعبَديَّةُ / الشَّيبانيَّةُ / الرَّشيديَّةُ / المُكَرِّميَّةُ [135] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) (1/177، 182). .
أمَّا عِندَ البغداديِّ فهي عَشرُ فِرَقٍ [136] يُنظر: ((الفرق بين الفرق)) (ص: 94). . وزاد الشَّهْرَسْتانيُّ على الأشعَريِّ، فذكَر فِرقةً تُسَمَّى الأطرافيَّةَ، مُنفَصِلةً عن الحَمزيَّةِ [137] يُنظر: ((الملل والنحل)) (1/130). .
وعندَ الدِّبسيِّ عَشرُ فِرَقٍ، إلَّا أنَّه سمَّى الصَّلتيَّةَ المُصَلبةَ، ولم يُكَفِّرْ من تلك الفِرَقِ إلَّا الشَّيبانيَّةَ، وذلك (لأنَّهم قالوا بالجَبرِ ونفيِ القُدرةِ الحادِثةِ كالجَبريَّةِ) [138] ((رسالة الدبسي)) (ص: 31). .
وقد جعل ابنُ حزمٍ العَجارِدةَ فِرقةً من الصُّفْريَّةِ [139] يُنظر: ((الفصل)) (4/190). ، وذكَرها غيرُه بأنَّها فِرقةٌ قائمةٌ بنفسِها انشقَّت عن العَطويَّةِ أو البَيهَسيَّةِ كما تقدَّم.
وفيما يلي تعريفٌ مُوجَزٌ بفِرَقِ العجاردةِ السَّابقةِ:
الأولى:
ذكرها الأشعَريُّ ولم يُسَمِّها، وذكر لها رأيًا واحدًا في الأطفالِ، وهو أنَّهم (يزعُمون أنَّه يجِبُ أن يُدعى الطِّفلُ إذا بلغ، وتجِبُ البراءةُ منه قَبلَ ذلك حتَّى يُدعى إلى الإسلامِ ويَصِفُه هو) [140] ((مقالات الإسلاميين)) (1/177). .
الثَّانيةُ: الميمونيَّةُ
أتباعُ ميمونِ بنِ خالدٍ، كان من العَجاردةِ، وهو من أهلِ بَلْخٍ، كما ذكر الأشعَريُّ، وقد خرج ميمونٌ عن العجاردةِ بسَبَبِ مَيلِه إلى القَدَريَّةِ، وقولِه بأنَّ خَيرَ العبدِ وشَرَّه من نفسِه، وإثباتِ الفِعلِ للعبدِ خَلقًا وإبداعًا، ووافقهم في الاستطاعةِ وقال بأنَّها تكونُ قَبلَ الفِعلِ، وفي الإرادةِ أيضًا؛ فقد قال بأنَّ اللهَ تعالى يريدُ الخيرَ ولا يريدُ الشَّرَّ، وأنَّه لا يريدُ معاصيَ العبادِ، ولا مشيئةَ له في ذلك، وقد كفَّرهم عُلَماءُ الفِرَقِ لِما عُرِف عنهم من أقوالٍ تُخرِجُ صاحِبَها عن الإسلامِ، كاستِحلالِهم نكاحَ ذواتِ المحارِمِ، وإنكارِ سُورةِ يوسُفَ أنَّها من القُرآنِ [141] يُنظر: ((كتاب الأديان والفرق)) لمؤلف إباضي مجهول (ص: 104). ويُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/178)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 280)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/129). .
الثَّالِثةُ: الخَلَفيَّةُ
قال الأشعَريُّ: إنَّهم (أصحابُ رَجُلٍ يقالُ له خَلَفٌ) [142] ((مقالات الإسلاميين)) (1/177). .
وقال الشَّهْرَسْتانيُّ: (الخَلَفيَّةُ أصحابُ خَلَفٍ الخارِجيُّ، وهم خَوارِجُ كَرْمانَ ومَكْرانَ) [143] ((الملل والنحل)) (1/130). .
الرَّابعةُ: الحَمزيَّةُ
تُنسَبُ إلى رجُلٍ يُسَمَّى حَمزةَ بنَ أكْرَكَ أو أدْرَكَ، ظهر سنةَ 179ه في خلافةِ هارونَ الرَّشيدِ وغَلَب على خُراسانَ وسِجِسْتانَ ومَكْرانَ وقُهِسْتانَ وكَرْمانَ، وكان له أتباعٌ كثيرون، وكانت له معارِكُ عنيفةٌ مع بعضِ فِرَقِ الخَوارِجِ، وهَزَم الجيوشَ، وعاث في الأرضِ فسادًا لا يَقِفُ في طريقِه أحدٌ إلَّا استحَلَّ دمَه، فخافه النَّاسُ، فكان كلَّما أُرسِل إليه جيشٌ لمحاربتِه هزمه إلى أن انتَصَب لحربِه والي خُراسانَ عليُّ بنُ عيسى بنِ ماديانَ، فنصرَه اللهُ عليه، وقَتَل من قوَّادِه ستِّين قائدًا سوى أتباعِه، فانهزم إلى سِجِسْتانَ، ومنها إلى نهرِ شُعبةَ، ثُمَّ بسَط نفوذَه على خُراسانَ وكَرْمانَ وقُهِسْتانَ وسِجِسْتانَ، إلى أن تمكَّن المأمونُ من إخمادِ الثَّوراتِ التي كانت تَشغَلُه، فكتب إلى حمزةَ كتابًا يدعوه فيه إلى الدُّخولِ في طاعتِه، فتعاظم حمزةُ هذا الأمرَ واستكبَر، فأرسل إليه المأمونُ قائِدَه طاهِرَ بنَ الحُسَينِ، فدارت بَينَهم معارِكُ رهيبةٌ انهزم في نهايتِها حمزةُ وهرب إلى كَرْمانَ، ثُمَّ عاد طاهِرُ بنُ الحُسَينِ، فطَمِع حمزةُ حينَئذٍ في استعادةِ مُلكِه وخرج بجيشِه من كَرْمانَ، ولكِنَّ اللهَ قَيَّض له واليَ نَيسابورَ عبدَ الرَّحمنِ النَّيسابوريَّ؛ حيثُ خرج إليه في عِشرين ألفَ مُقاتِلٍ، فهزمه وقَتَل أكثَرَ جَيشِه، فنجا حمزةُ من هذه المعركةِ مستخفيًا بنفسِه؛ حيثُ مات بَعدَ ذلك فاستراح منه النَّاسُ، وتفرَّق من بَقِيَ من أتباعِه.
قال المَلَطيُّ عن فِرقةِ الحَمزيَّةِ: (يقولونَ بكُلِّ قولِ الحَروريَّةِ غيرَ أنَّهم لا يستَحِلُّون أخذَ مالِ أحدٍ حتَّى يَقتُلوه، فإن لم يَجِدوا صاحِبَ المالِ لم يتناولوا من ذلك المالِ شيئًا دونَ أن يَظهَرَ صاحِبُه فيَقتُلوه! فإذا قتلوه حينئذ استحَلُّوا مالَه، قد جعَلوا هذا شريعةً لهم) [144] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/177)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 98، 100)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/129)، ((التنبيه والرد)) للملطي (ص: 56)، ((رسالة الدبسي)) للدبسي (ص: 29). !
ولعَلَّهم يَبْنون استحلالَهم للمالِ بَعدَ قَتلِ صاحبِه على أنَّه غنيمةٌ حربيَّةٌ.
وقال عنهم الدِّبسيُّ: (الفِرقةُ الثَّانيةُ من العَجارِدةِ: الحمزيَّةُ، يجِبُ تكفيرُهم؛ لأنَّهم وافقوا الميمونيَّةَ إلَّا أنَّهم قالوا: أطفالُ الكُفَّارِ في النَّارِ)، وذكَر من الحمزيَّةِ فِرقةً تُسَمَّى الأطرافيَّةَ، ورئيسُهم يُسَمَّى غالِبَ بنَ شَباذَكَ السِّجِسْتانيَّ، وقد سمُّوا الأطرافيَّةَ نِسبةً إلى مذهَبِهم القاضي بعُذرِ أهلِ الأطرافِ في تَركِ ما لم يَعرِفوه ولو كان من صميمِ الشَّريعةِ، إذا فعَلوا بعقولهم ما يوجِبُه العَقلُ من الأمورِ [145] يُنظر: ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/130)، ((رسالة الدبسي)) (ص: 30). .
الخامِسةُ: الشُّعَيبيَّةُ
هذه فِرقةٌ صغيرةٌ تُنسَبُ إلى رجلٍ يُسَمَّى شُعَيبَ بنَ محمَّدٍ، كان من جملةِ العَجارِدةِ، إلَّا أنَّه خرج حينَ قال بالقَدَرِ ووافَق القَدَريَّةَ.
السَّادِسةُ: الخازِميَّةُ
يُسَمِّيها الأشعَريُّ الخازِميَّةَ بالخاءِ، ومِثلُه البغداديُّ، ويُسَمِّيها الشَّهْرَسْتانيُّ الحازميَّةَ، وهم أتباعُ حازمِ بنِ عَليٍّ، وهم أكثَرُ عَجارِدةِ سِجِسْتانَ، وكانوا يعتَقِدون في القَدَرِ بالإثباتِ كأهلِ السُّنَّةِ، وبأنَّ الوَلايةَ والعداوةَ من صفاتِ اللهِ الذَّاتيَّةِ، وقالوا بأنَّ اللهَ يتولَّى الشَّخصَ بحَسَبِ ما يصيرُ إليه بَعدَ موتِه.
السَّابعةُ والثَّامنةُ: المعلوميَّةُ والمجهوليَّةُ
هاتان الفِرَقتانِ كانتا من الخازميَّةِ، ثُمَّ انفصلتا عنها لآراءٍ أحدَثوها، ثُمَّ انفصلت كُلٌّ منهما عن الأخرى وكَفَّرت إحداهما الأخرى في مسألةِ مَعرفةِ اللهِ بجميعِ أسمائِه؛ فالمعلوميَّةُ ترى (أنَّ من لم يَعرِفِ اللهَ تعالى بجميعِ أسمائِه، فهو جاهِلٌ به، والجاهِلُ به كافِرٌ)، بينما ترى المجهوليَّةُ أنَّ (من عرَفَ اللهَ ببعضِ أسمائِه فقد عرَفه) وبهذا كَفَّرت المعلوميَّةَ [146] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/178)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 94، 95، 100)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/131، 133)، ((رسالة الدبسي)) للدبسي (ص: 29). .
التَّاسعةُ: الصَّلتيَّةُ
اختلف أهلُ المقالاتِ في اسمِ زعيمِ هذه الفِرقةِ؛ فهو عِندَ الأشعَريِّ والشَّهْرَسْتانيِّ عُثمانُ بنُ أبي الصَّلتِ، وهو من العَجارِدةِ الحمزيَّةِ، ولكنَّه خرج عنهم بما قرَّره من آراءٍ تخالِفُهم.
وفِرقتُه عِندَ أهلِ المقالاتِ تُسَمَّى الصَّلتيَّةَ، ولكِنَّ المَلَطيَّ سمَّاها الصَّليديَّةَ، وسمَّاها الدِّبسيُّ المُصَلبةَ، ثُمَّ كفَّرَها.
قال المَلَطيُّ عن هذه الفِرقةِ: (الفِرقةُ التَّاسعةُ الصَّليديَّةُ من الحمزيَّةِ أيضًا، يقولون بقولِ الحَروريَّةِ والحَمزيَّةِ، ويقتُلون ويَستَحِلُّون الأموالَ على الأحوالِ كُلِّها، وهم أشَرُّ الخَوارِجِ وأقذَرُهم وأكثَرُهم فسادًا، ولهم عدَدٌ وجمعٌ بناحيةِ سِجِسْتانَ ونواحيها) [147] يُنظر: ((التنبيه والرد)) (ص: 57). ويُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/179)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 97)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/129)، ((رسالة الدبسي)) للدبسي (ص: 30). .
العاشِرةُ: الثَّعالِبةُ
هي فِرقةٌ من العَجارِدةِ، ولكِنَّها انفصلت عنها بزعامةِ ثَعلبةَ بنِ مُشْكانَ، كما سمَّاه البَغداديُّ، والشَّهْرَسْتانيُّ سَمَّاه ثعلبةَ بنَ عامرٍ، وسبَبُ انفصالِ ثَعلبةَ عن عبدِ الكريمِ أنَّ رَجُلًا خطب بنَت ثعلبةَ فطلب منه ثعلبةُ بيانَ المهرِ، وقبل أن يخبِرَه الخاطِبُ بالمهرِ أرسل امرأةً لترى البِنتَ هل هي بالِغٌ معتَرِفةٌ بالإسلامِ على الشَّرطِ المطلوبِ أم لا. فقالت أمُّها للمرأةِ: هي مُسلِمةٌ سواءٌ بلغَت أم لا. وتطوَّر الأمرُ إلى أن بلَغ عبدَ الكريمِ بنَ عَجرَدٍ وثَعلبةَ، فكان رأيُ عبدِ الكريمِ أنَّ من كان دونَ البلوغِ في حُكمِ البراءةِ إلى أن يَبلُغَ فيُقِرَّ بالإسلامِ، وحينَئذٍ تَتِمُّ وِلايتُه، وإلَّا فيتبرَّأُ منه، ولكِنَّ ثَعلبةَ خالفه وقال: نحن على ولايتِهم صغارًا وكبارًا إلى أن يتبيَّنَ أمرُهم، واشتَدَّ بَينَهما النِّزاعُ حتَّى تبرَّأ كُلُّ واحدٍ من الآخَرِ وانفصل كُلُّ واحدٍ بمن وافقَه عن الآخَرِ، وصارت الثَّعالِبةُ فِرقةً برأسِها.
وقد انقَسَمت هذه الفِرقةُ أيضًا إلى الفِرَقِ الآتيةِ:
الفِرقةُ الأولى: الأخنَسيَّةُ: ويُنسَبون إلى رئيسِهم الأخنَسِ بنِ قَيسٍ، وقد خرج عن قولِ الثَّعالبةِ حينَ توقَّف عن جميعِ مَن في دارِ التَّقيَّةِ من مُنتَحِلي الإسلامِ وأهلِ القبلةِ، وحرَّم الاغتيالَ والقَتلَ قَبلَ الدَّعوةِ، فتبَرَّأت منهم الثَّعالبةُ [148] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/180)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 100)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/131). .
الفِرقةُ الثَّانيةُ: المَعبَديَّةُ: تُنسَبُ هذه الفِرقةُ إلى رجُلٍ يُسَمَّى مَعبَدَ بنَ عبدِ الرَّحمنِ، وكان من الثَّعالبةِ ثُمَّ من الأخنسيَّةِ، ولكِنَّه خالف الثَّعالبةَ والأخنسيَّةَ فبَرِئَت منه كلتا الفِرَقتين، خالف الثَّعالبةَ في تجويزِهم أخذَ زكاةِ عَبيدِهم وإعطاءَهم منها إذا افترقوا، وخالَف الأخنسيَّةَ في الخطأِ الذي وقع له في تزويجِ المُسلِماتِ من مُشرِكٍ، وهذه عبارةُ الشَّهْرَسْتانيِّ، ولم يَذكُرْ غيرُه أنَّ الأخنَسَ جوَّز تزويجَ المُسلِماتِ من المُشرِكين [149] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/180)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 101)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/132). .
الفِرقةُ الثَّالثةُ: الشَّيبانيَّةُ: وتُنسَبُ هذه الفِرقةُ إلى شَيبانَ بنِ سَلَمةَ، خرج من أيَّامِ أبي مُسلِمٍ الخُراسانيِّ، فأعان شيبانَ وناصَره في حربِه، وناصر أيضًا عليَّ بنَ الكَرْمانيِّ على نَصرِ بنِ سَيَّارٍ وكان من الثَّعالبةِ. فعندَ ذلك بَرِئت منه الثَّعالبةُ وقالوا: إنَّه قتَل الموافِقين لنا في المذهَبِ وأخذ أموالَهم، فادَّعى قومٌ من الثَّعالبةِ أنَّ شيبانَ قد تاب، ولكِنَّ الزِّياديَّةَ من الثَّعالبةِ أتباعِ زيادِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ رفَضوا توبتَه بحُجَّةِ أنَّ ذنوبَه كانت من مظالِمِ العبادِ التي لا تَسقُطُ بالتَّوبةِ، ثُمَّ انقَسَموا فيه؛ فمَن قَبلَ توبته صار شيبانيًّا وقال بقَولِه، ومن رفَضَها بَرِئَ منه [150] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/180)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 101)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/132). .
الفِرقةُ الرَّابعةُ: الرَّشيديَّةُ أو العُشْريَّةُ: وهم يُنسَبون إلى رشيدٍ الطُّوسيِّ الذي خرج عن الثَّعالبةِ حين أصرَّ على أنَّ زكاةَ ما سُقِيَ بالأنهارِ والقَنَى العُشْرُ، فبَرِئت منه الثَّعالبةُ وسَمَّوهم العُشْريَّةَ، وكان الذي أفتى بأنَّ فيها العُشرَ هو زيادُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ، وكان فقيهَ الثَّعلبيَّةَ ورئيسَهم، وكانت له فِرقةٌ تُسَمَّى الزِّياديَّةَ، وهم أعظَمُ الثَّعالبةِ وأكثَرُهم عدَدًا.
الفِرقةُ الخامسةُ والأخيرةُ من الثَّعالبةِ ومن العَجارِدةِ أيضًا: المُكَرِّميَّةُ: وتُنسَبُ هذه الفِرقةُ إلى رجلٍ يُسَمَّى مُكَرِّمَ بنَ عَبدِ اللهِ العِجليَّ، كما قال الشَّهْرَسْتانيُّ، وسمَّاه الأشعَريُّ وابنُ حزمٍ أبا مُكَرِّمٍ، وكان ثعلبيًّا إلَّا أنَّه تفرَّد عنهم بآراءٍ، فبَرِئت منه الثَّعالبةُ عِندَ ذلك [151] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (1/180، 182)، ((الفصل)) لابن حزم (4/190)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/132). .

انظر أيضا: