موسوعة الفرق

تمهيدٌ: خُطورةُ مذهبِ الجهميَّةِ وأثرُهُ السَّيِّءُ على الأُمَّةِ الإسلاميَّةِ


أثَّرت الجَهْميَّةُ بعقائِدِها المُنحَرِفةِ أثرًا سيِّئًا في بقيَّةِ الفِرَقِ المُنتسِبةِ إلى الإسلامِ التي عاصرَتْها أو لحِقَتها، فامتَدَّ أثرُها للرَّوافضِ والمُعتَزِلةِ والباطنيَّةِ، والفلاسِفةِ والصُّوفيَّةِ والأشاعرةِ والماتُريديَّةِ، ومن سلَك طريقَهم.
وبهذا فإنَّ الفِرَقَ الكلاميَّةَ كُلَّها وارِثةٌ عنها، كلٌّ منها بقَدْرِ بِدعتِها.
قال ابنُ القيِّمِ:
‌تاللهِ ‌ما ‌استجمَعْنَ عِندَ مُعطِّلٍ
جيماتُها ولديه من إيمانِ
والجَهْمُ أصَّلَها جميعًا فاغتدَت
مقسومةً في النَّاسِ بالميزانِ
والوارثِون له على التَّحقيقِ هم
أصحابُها لا شِيعةُ الإيمانِ
لكِنْ تقسَّمَت الطَّوائِفُ قَولَه
ذو السَّهمِ والسَّهمَينِ والسُّهمانِ
لكِنْ نجا أهلُ الحديثِ المحْضِ أتـ
ـباعُ الرَّسولِ وتابِعو القُرآنِ [335] ((الكافية الشافية)) (2/619).
ولهذا فإنَّ فِرَقَ الجَهْميَّةِ ومقالاتِها أخطَرُ الفِرَقِ بَعدَ الباطنيَّةِ والرَّافِضةِ، وتقومُ أصولُ مقالاتِهم على مناهِجِ الفلاسِفةِ، كما أنَّ مقالاتِهم تسبَّبَت في تَفرِقةِ الأمَّةِ وإبعادِها عن مناهِجِ السَّلَفِ في فَهمِ الكِتابِ والسُّنَّةِ، وشغَلَت النَّاسَ عن دينِهم بكثرةِ الجِدالِ والمُناظَراتِ الكلاميَّةِ والفلسفيَّةِ، ولا تكادُ توجَدُ فِرقةٌ من الفِرَقِ المُخالِفةِ للكِتابِ والسُّنَّةِ إلَّا ولها تأثُّرٌ بالجَهْميَّةِ ومقالاتِها، وخاصَّةً وارِثَهم الأوَّلَ المُعتَزِلةَ، ثُمَّ وارِثَهم الثَّانيَ مُتكلِّمي الأشاعِرةِ والماتُريديَّةِ، كما سيتبيَّنُ ذلك في المبحثَينِ الآتيَينِ.

انظر أيضا: