موسوعة الفرق

المَطلَبُ الأوَّلُ: قَولُ الجَهْميَّةِ بفَناءِ الجنَّةِ والنَّارِ


ذهبت الجَهْميَّةُ إلى القَولِ بفَناءِ الجنَّةِ والنَّارِ، والجَهْمُ بنُ صَفوانَ هو أوَّلُ من تقلَّد القَولَ بذلك، وذكر ابنُ تيميَّةَ: أنَّه (لا خِلافَ أنَّه أوَّلُ من قال بفَناءِ الجنَّةِ والنَّارِ) [280] ((بيان تلبيس الجهمية)) (5/ 182). ، وأرجع مقالتَه بنفيِ الجنَّةِ والنَّارِ إلى شُبَهِه العقليَّةِ، فقال: (هذا قاله جَهْمٌ؛ لأصلِه الذي اعتقدَه، وهو: امتناعُ وُجودِ ما يتناهى من الحوادِثِ) [281] ((الرد على من قال بفناء الجنة والنار)) (ص: 44). .
وذكَر عبدُ القاهِرِ البغداديُّ من مقالاتِ أبي الهُذَيلِ العَلَّافِ قَولَه بفَناءِ مقدوراتِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ حتى لا يكونَ بَعدَ فَناءِ مَقدوراتِه قادرًا على شيءٍ! ثُمَّ قال: (ولأجْلِ هذا زعَم أنَّ نَعيمَ أهلِ الجنَّةِ وعذابَ أهلِ النَّارِ يَفنيانِ، ويبقى حينئذٍ أهلُ الجنَّةِ وأهلُ النَّارِ خامِدينَ لا يقدِرونَ على شيءٍ، ولا يقدِرُ اللهُ عزَّ وجلَّ في تلك الحالِ على إحياءِ ميِّتٍ، ولا على إماتةِ حيٍّ! ولا على تحريكِ ساكنٍ، ولا على تسكينِ متحَرِّكٍ! ولا على إحداثِ شيءٍ، ولا على إفناءِ شيءٍ! مع صِحَّةِ عُقولِ الأحياءِ في ذلك الوقتِ، وقولُه في هذا البابِ شرٌّ من قولِ من قال بفَناءِ الجنَّةِ والنَّارِ، كما ذهب إليه جَهْمٌ؛ لأنَّ جَهْمًا وإن قال بفنائِهما فقد قال بأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قادِرٌ بَعدَ فنائِهما على أن يخلُقَ أمثالَهما، وأبو الهُذَيلِ يزعُمُ أنَّ ربَّه لا يقدِرُ بَعدَ فناءِ مَقدوراتِه على شيءٍ!) [282] ((الفرق بين الفرق)) (ص: 102). .
وقال أيضًا عن أهلِ السُّنَّةِ: (أكفَروا أبا الهُذَيلِ بقولِه بانقطاعِ نعيمِ الجنَّةِ وعذابِ النَّارِ، وأكفَروا من قال من الجَهْميَّةِ ‌بفَناءِ ‌الجنَّةِ ‌والنَّارِ) [283] ((الفرق بين الفرق)) (ص: 319). .
وقال ابنُ أبي العِزِّ: (قال بفَناءِ الجنَّةِ والنَّارِ ‌الجَهْمُ ‌بنُ ‌صَفوانَ ‌إمامُ ‌المُعطِّلةِ، وليس له سلَفٌ قطُّ لا من الصَّحابةِ ولا من التَّابعينَ لهم بإحسانٍ، ولا من أئمَّةِ المُسلِمينَ ولا من أهلِ السُّنَّةِ. وأنكره عليه عامَّةُ أهلِ السُّنَّةِ، وكفَّروه به، وصاحوا به وبأتباعِه من أقطارِ الأرضِ) [284] ((شرح الطحاوية)) (2/ 621). .

انظر أيضا: