موسوعة الفرق

المبحَثُ الرَّابعُ: ردُّ العُلَماءِ على مقالةِ الجَهْميَّةِ في حقيقةِ الإيمانِ والكُفرِ


تناوَل العُلَماءُ مقالةَ جَهْمٍ والمُنتَسِبينَ إليه من صُنوفِ الجَهْميَّةِ والمُرجِئةِ حَولَ تصَوُّرِهم للإيمانِ والكُفرِ، وحقيقةِ كُلٍّ منهما، وأبطَلوها، وبَيَّن زيغَ هذه المقالةِ وفسادَ ما يلزَمُ قائِلَها.
بل السَّلَفُ كانوا رافِضينَ لهذه المقالاتِ الباطلةِ، كما قال الشَّهْرَستانيُّ: (كان السَّلَفُ كُلُّهم مِنْ أشَدِّ الرَّادِّينَ عليه، ونِسبَتِه إلى التَّعطيلِ المحْضِ) [119] ((الملل والنحل)) (1/ 88). .
قال أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سلامٍ عن مقالةِ الجَهْميَّةِ: (فهل يَلفِظُ بهذا أحَدٌ يَعرِفُ اللهَ، أو مُؤمِنٌ له بكِتابٍ أو رسولٍ؟ وهذا عندَنا كُفرٌ لن يَبلُغَه إبليسُ فمَن دونَه من الكُفَّارِ قَطُّ!) [120] ((الإيمان)) (ص: 62). .
وقال الآجُرِّيُّ: (أذكُرُ ما رُوِيَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعن جماعةٍ من أصحابِه، وعن كثيرٍ من التَّابعينَ: أنَّ الإيمانَ تصديقٌ بالقلبِ، وقولٌ باللِّسانِ، وعمَلٌ بالجوارحِ، ومَن لم يقُلْ عِندَهم بهذا فقد كَفَر) [121] ((الشريعة)) (2/ 636). .
ومن وُجوهِ الرَّدِّ:
1- مُخالَفةُ هذا المُعتقَدِ لصَريحِ الكِتابِ والسُّنَّةِ:
فالجَهْميَّةُ قرَّروا أنَّ مَن عرَف رَبَّه بقَلبِه فهو مُؤمِنٌ، ولو لم ينطِقْ بلسانِه، ولم يقُلْ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، ولو لم يعمَلْ شيئًا؛ لا صلاةً ولا زكاةً ولا صومًا ولا حجًّا، فيكفي مجرَّدُ المعرفةِ عِندَهم!
قال أبو عُبيدٍ القاسِمُ بنُ سلَّامٍ: (بابُ من جعَلَ الإيمانَ المعرفةَ بالقَلبِ وإن لم يكُنْ عَمَلٌ... قد ذكَرْنا ما كان من مُفارقةِ القَومِ إيَّانا في أنَّ العَمَلَ من الإيمانِ، على أنَّهم وإن كانوا لنا مُفارقينَ فإنَّهم ذهَبوا إلى مَذهَبٍ قد يقَعُ الغلَطُ في مِثلِه، ثُمَّ حدَثَت فِرقةٌ ثالثةٌ شذَّت عن الطَّائفتَينِ جميعًا، ليست من أهلِ العِلمِ ولا الدِّينِ، فقالوا: الإيمانُ معرفةٌ بالقلوبِ باللهِ وَحدَه، وإنْ لم يكُنْ هناك قولٌ ولا عَمَلٌ! وهذا مُنسَلِخٌ عندَنا من قَولِ أهلِ المِلَلِ الحنيفيَّةِ؛ لمعارضتِه لكلامِ اللهِ ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالرَّدِّ والتكذيبِ، ألا تسمَعُ قَولَه: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ؟ فجَعَل القَولَ فرضًا حتمًا، كما جعَلَ مَعرفتَه فَرضًا، ولم يَرضَ بأن يقولَ: اعرِفوني بقُلوبِكم. ثُمَّ أوجَب مع الإقرارِ الإيمانَ بالكُتُبِ والرُّسُلِ، كإيجابِ الإيمانِ، ولم يجعَلْ لأحدٍ إيمانًا إلَّا بتصديقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كُلِّ ما جاء به، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنوا آمِنوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [النساء: 136] ، وقال: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النساء: 65] ، وقال: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة: 146] يعني النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلم يجعَلِ اللهُ معرفتَهم به إذ ترَكوا الشَّهادةَ له بألسنتِهم إيمانًا، ثُمَّ سُئِل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الإيمانِ، فقال: ((أن تؤمِنَ باللهِ وملائِكتِه وكتُبِه ورُسُلِه )) [122] أخرجه مسلم (8) مطولًا من حديث عمرَ بن الخطَّاب رضي الله عنه. في أشياءَ كثيرةٍ مِن هذا لا تُحصى) [123] ((الإيمان)) (ص: 59- 61). .
وقال الآجُرِّيُّ: (اعلَموا -رحِمنا اللهُ تعالى وإيَّاكم- أنِّي قد تصفَّحتُ القُرآنَ، فوجدْتُ فيه ما ذكَرتُه في ستَّةٍ وخمسينَ موضِعًا من كِتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ أنَّ اللهَ تبارك وتعالى لم يُدخِلِ المُؤمِنينَ الجنَّةَ بالإيمانِ وَحدَه، بل أدخلَهم الجنَّةَ برحمتِه إيَّاهم، وبما وفَّقهم له من الإيمانِ به، والعمَلِ الصَّالحِ، وهذا ردٌّ على من قال: ‌الإيمانُ ‌المعرفةُ، وردٌّ على من قال: المعرفةُ والقَولُ، وإنْ لم يعمَلْ. نعوذُ باللهِ من قائِلِ هذا) [124] ((الشريعة)) (2/ 619). .
2- يلزَمُ من مَذهَبِ الجَهْميَّةِ دُخولُ رُؤوسِ الكُفرِ في زُمرةِ أهلِ الإيمانِ:
فيلزَمُ مِن هذا المُعتقَدِ أن يكونَ إبليسُ مُؤمِنًا؛ لأنَّه يعرِفُ رَبَّه بقَلبِه قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الحجر: 36] . ويلزَمُ من مَذهَبِهم أيضًا أن يكونَ فِرعَونُ الذي قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [النازعات: 24] مُؤمِنًا؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال عنهم: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ [النمل: 14] . ويلزَمُ أن يكونَ اليهودُ أيضًا مُؤمِنينَ، بدليلِ قَولِ اللهِ تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة: 146] .
قال ابنُ أبي العزِّ: (ذهب ‌الجَهْمُ ‌بنُ ‌صَفوانَ وأبو الحُسَينِ الصَّالحيُّ أحَدُ رُؤساءِ القَدَريَّةِ إلى أنَّ الإيمانَ هو المعرفةُ بالقلبِ! وهذا القَولُ أظهَرُ فسادًا ممَّا قَبلَه! فإنَّ لازمَه أنَّ فرعونَ وقومَه كانوا مُؤمِنينَ؛ فإنَّهم عرَفوا صِدقَ موسى وهارونَ عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ، ولم يُؤمِنوا بهما، ولهذا قال موسى لفِرعَونَ: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ [الإسراء: 102] ، وقال تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النمل: 14] ، وأهلُ الكِتابِ كانوا يَعرِفونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما يَعرِفونَ أبناءَهم، ولم يكونوا مُؤمِنينَ به، بل كافرينَ به، مُعادينَ له، وكذلك أبو طالِبٍ عندَه يكونُ مُؤمِنًا؛ فإنَّه قال:
ولقد عَلِمتُ بأنَّ دينَ مُحمَّدٍ
من خَيرِ أديانِ البَرِيَّةِ دينَا
لولا الملامةُ أو حَذارُ مَسَبَّةٍ
لوجَدْتَني سمْحًا بذاكَ مُبينَا
بل إبليسُ يكونُ عِندَ الجَهْمِ مُؤمِنًا كامِلَ الإيمانِ؛ فإنَّه لم يجهَلْ رَبَّه، بل هو عارِفٌ به! قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الحجر: 36] ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي [الحجر: 39] ، قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 82] ، والكُفرُ عِندَ الجَهْمِ هو الجَهلُ بالرَّبِّ تعالى، ولا أحدَ أجهَلُ منه برَبِّه! فإنَّه جعَلَه الوُجودَ المُطلَقَ، وسلَبَ عنه جميعَ صفاتِه، ولا جَهلَ أكبَرُ من هذا، فيكونُ كافرًا بشهادتِه على نفسِه!) [125] ((شرح العقيدة الطحاوية)) (2/ 460). .
وقال ابنُ تيميَّةَ: (لا بُدَّ أن يكونَ مع التصديقِ شيءٌ من حُبِّ اللهِ وخشيةِ اللهِ، وإلَّا فالتصديقُ الذي لا يكونُ معه شيءٌ من ذلك ليس إيمانًا البتَّةَ، بل هو ‌كتصديقِ ‌ِفِرعَونَ واليهودِ وإبليسَ، وهذا هو الذي أنكَره السَّلَفُ على الجَهْميَّةِ) [126] ((مجموع الفتاوى)) (7/ 307). .
وقال الشَّهْرَستانيُّ في بيانِ أقوالِ جَهْمٍ: (من أتى بالمعرفةِ ثُمَّ جحَد بلِسانِه لم يكفُرْ بجَحْدِه؛ لأنَّ العِلمَ والمعرفةَ لا يزولانِ بالجَحدِ، فهو مُؤمِنٌ. قال: والإيمانُ لا يتبعَّضُ، أي: لا ينقَسِمُ إلى عَقدٍ وقَولٍ وعَمَلٍ. قال: ولا يتفاضَلُ أهلُه فيه، فإيمانُ الأنبياءِ وإيمانُ الأمَّةِ على نمطٍ واحدٍ؛ إذ المعارِفُ لا تتفاضَلُ، وكان السَّلَفُ كُلُّهم من أشدِّ الرَّادِّينَ عليه، ونِسبتِه إلى التَّعطيلِ المحضِ) [127] ((الملل والنحل)) (1/ 88). .
وقد ذكَر ابنُ تيميَّةَ ما وقَع فيه جَهْمٌ من الانحرافِ، في مواضِعَ من كتُبِه، فقال: (أصلُ جَهْمٍ في الإيمانِ تضمَّن غلَطًا من وُجوهٍ:
منها: ظنُّه أنَّه مجرَّدُ تصديقِ القلبِ ومعرفتِه، بدونِ أعمالِ القلبِ، كحُبِّ اللهِ وخشيتِه ونحوِ ذلك.
ومنها: ظنُّه أنَّ من حَكَم الشَّرعُ بكُفرِه وخُلودِه في النَّارِ، فإنَّه يمتنِعُ أن يكونَ في قَلبِه شيءٌ من التصديقِ، وجزَموا بأنَّ إبليسَ وفِرعَونَ واليهودَ ونحوَهم لم يكُنْ في قلوبِهم شيءٌ من ذلك) [128] ((مجموع الفتاوى)) (10/ 749). .
وقال أيضًا في بيانِ أغلاطِه: (أحَدُها: ظنُّهم أنَّ الإيمانَ الذي في القلبِ يكونُ تامًّا بدونِ العمَلِ الذي في القلبِ، تصديقٌ بلا عمَلٍ للقَلبِ، كمحبَّةِ اللهِ وخشيتِه وخوفِه، والتوكُّلِ عليه، والشَّوقِ إلى لقائِه.
والثَّاني: ظنُّهم أنَّ الإيمانَ الذي في القلبِ يكونُ تامًّا بدونِ العمَلِ الظَّاهِرِ، وهذا يقولُ به جميعُ المُرجِئةِ.
والثَّالثُ: قولُهم: كُلُّ من كفَّره الشَّارعُ فإنَّما كفَّره لانتفاءِ تصديقِ القلبِ بالرَّبِّ تبارك وتعالى.
وكثيرٌ من المُتأخِّرينَ لا يميِّزون بَينَ مذاهِبِ السَّلَفِ وأقوالِ المُرجِئةِ والجَهْميَّةِ؛ لاختلاطِ هذا بهذا في كلامِ كثيرٍ منهم، ممَّن هو في باطِنِه يرى رأيَ الجَهْميَّةِ والمُرجِئةِ في الإيمانِ، وهو مُعظِّمٌ للسَّلَفِ وأهلِ الحديثِ، فيظُنُّ أنَّه يجمَعُ بينهما، أو يجمَعُ بَينَ كلامِ أمثالِه وكلامِ السَّلَفِ) [129] ((مجموع الفتاوى)) (7/ 363). .
والحاصِلُ أنَّ جَهْمًا ومن وافقَه يرونَ أنَّ الإيمانَ هو مجرَّدُ المعرفةِ أو التصديقِ، وأنَّ ذلك ينفَعُ صاحبَه ولو لم يتكلَّمْ قطُّ بالإسلامِ، ولا فعَلَ شيئًا من واجباتِه. ومع ذلك فقد التَزَم جَهْمٌ بتكفيرِ من كفَّره الشَّرعُ كإبليسَ وفِرعَونَ، زاعِمًا أنَّه لم يكُنْ في قلبَيهما شيءٌ من المعرفةِ باللهِ.
ولا شَكَّ أنَّ إلزامَ الجَهْميَّةِ بالقَولِ بإيمانِ إبليسَ وفِرعَونَ لوجودِ التصديقِ منهما إلزامٌ لا محيدَ لهم عنه؛ ولهذا اضطَرَبوا في الجوابِ عنه [130] يُنظر: ((الإيمان عند السلف وعلاقته بالعمل)) لمحمد آل خضير (1/ 197). ويُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (10/ 749)، ((شرح الطحاوية)) لابن أبي العز (2/ 460). .
وقال ابنُ القيِّمِ: (من قال: إنَّ الإيمانَ هو مجرَّدُ اعتقادِ صِدقِ الرَّسولِ فيما جاء به وإن لم يلتزِمْ متابعتَه، وعاداه وأبغضَه، وقاتلَه، لزِمَه أن يكونَ هؤلاء كُلُّهم مُؤمِنينَ، وهذا إلزامٌ لا محيدَ عنه، ولهذا اضطرب هؤلاء في الجوابِ عن ذلك لمَّا ورد عليهم، وأجابوا بما يستحي العاقِلُ من قولِه، كقَولِ بعضِهم: إنَّ إبليسَ كان مُستهزِئًا ولم يكُنْ يُقِرُّ بوجودِ اللهِ، ولا بأنَّ اللهَ رَبُّه وخالقُه، ولم يكُنْ يعرِفُ ذلك، وكذلك فِرعَونُ وقومُه لم يكونوا يَعرِفونَ صِحَّةَ نبُوَّةِ موسى، ولا يعتَقِدونَ وُجودَ الصَّانعِ. وهذه فضائِحُ نعوذُ باللهِ من الوُقوعِ في أمثالِها، ونُصرةُ المقالاتِ وتقليدُ أربابِها تحمِلُ على أكثَرَ من هذا، ونعوذُ باللهِ من الخِذْلانِ) [131] ((مفتاح دار السعادة)) (1/94). . وقد دلَّت الأدِلَّةُ على أنَّ إبليسَ كان عارِفًا باللهِ، مُصدِّقًا بربوبيَّتِه، وكذلك كان فِرعَونُ [132] يُنظر: ((شرح الطحاوية)) لابن أبي العز (2/461)، ((الإيمان عند السلف وعلاقته بالعمل وكشف شبهات المعاصرين)) لمحمد آل خضير (1/ 195-199). .
3- أنَّ هذا المَذهَبَ فتَحَ بابًا للجُرأةِ على مُخالَفةِ الدِّينِ:
فالعَبدُ إذا عَلِم أنَّ إيمانَه يزيدُ بزيادةِ العَمَلِ ويَنقُصُ بنُقصانِه، وأنَّ المعاصيَ تُؤثِّرُ في إيمانِه؛ فإنَّه سيتحرَّى الزِّيادةَ، ويتخلَّى عن أسبابِ نُقصانِه، فيتدرَّجُ في الكَمالاتِ، وينتهي عن المُخالَفاتِ.
وأمَّا على مَذهَبِ الجَهْميَّةِ فالإيمانُ عِندَهم المعرفةُ فقط، ولا يَزيدُ ولا يَنقُصُ، والعمَلُ عِندَهم لا صِلةَ له بالإيمانِ، والذُّنوبُ لا تعَلُّقَ لها بالاعتقادِ، فلا أثَرَ لها على الإيمانِ الذي في القلبِ، فهوَّنوا المعاصيَ، وشجَّعوا على المُخالَفةِ وتَركِ الانقيادِ.
وعن خطَرِ هذا القَولِ الذي هو أشدُّ أنواعِ الإرجاءِ قال ابنُ تيميَّةَ: (الإرجاءُ يُضعِفُ الإيمانَ بالوعيدِ، ‌ويُهَوِّنُ ‌أمرَ ‌الفرائِضِ ‌والمحارِمِ) [133] ((مجموع الفتاوى)) (8/ 106). .

انظر أيضا: