موسوعة الفرق

المَطلَبُ التَّاسعُ: مِن مَضارِّ الفُرقةِ وآثارِها على الفردِ: ما يلقاه المُفارِقُ للجماعةِ مِن الذُّلِّ في الدُّنيا


قال اللهُ تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ [الأعراف: 152] .
وهذه الآيةُ وإن كانت في شأنِ عُبَّادِ العِجلِ مِن بَني إسرائيلَ، ولكنَّ قولَه: وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ عُمومٌ فيهم وفيمَن أشبَهَهم؛ مِن حيثُ كانت البِدَعُ كُلُّها افتِراءً على اللهِ.
فكُلُّ مَن ابتدَع في دينِ اللهِ فهو ذليلٌ حقيرٌ بسببِ بِدعتِه، وإن ظهَر لبادي الرَّأي في عِزِّه وجَبروتِه فهُم في أنفُسِهم أذلَّاءُ، وما العِزُّ الذي ينالونَه إلَّا بسببِ مُلازَمتِهم لبعضِ السَّلاطينِ، واللَّوذِ بأهلِ الدُّنيا، أمَّا مَن لم يَقدِرْ على ذلك فهو ذليلٌ مُستخفٍ ببِدعتِه عن الجُمهورِ، ومِن ذِلَّةِ أهلِ البِدَعِ والفُرقةِ ما جاء في النَّهيِ عن توقيرِهم ومُجالَستِهم ومُخالَطتِهم [265] يُنظر: ((الاعتصام)) للشاطبي (ص: 90، 101)، ((الحكم الجديرة بالإذاعة)) لابن رجب (ص: 89). .
قال السَّعديُّ: (قال اللهُ تعالى مُبيِّنًا حالَ أهلِ العِجلِ الذين عبَدوه: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ، أي: إلهًا سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كما أغضَبوا ربَّهم واستَهانوا بأمرِه، وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ، فكُلُّ مُفتَرٍ على اللهِ، كاذِبٍ على شَرعِه، مُتقوِّلٍ عليه ما لم يقُلْ؛ فإنَّ له نَصيبًا مِن الغَضبِ مِن اللهِ، والذُّلِّ في الحياةِ الدُّنيا) [266] ((تفسير السعدي)) (ص: 304).  .

انظر أيضا: