الموسوعة الفقهية

المبحث السادس: مشروعيَّةُ الفصلِ بينَ الأذانِ والإقامةِ


يُشرَعُ الفَصلُ وقد اختَلَف العلماء في تحديد مِقدار الفصل بين الأذان والإقامة. يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/150)، ((المجموع)) للنووي (3/121)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/243)، ((الموسوعة الفقهيَّة الكويتيَّة)) (5/15). بين الأذانِ والإقامةِ أمَّا صلاة المغربِ فاستحبُّوا أن يكونَ مقدارُ الفصل بين الأذان والإقامة يسيرًا، مع اختلافهم في مقدارِ هذا الفصل. يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/150)، ((المجموع)) للنووي (3/121)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/243). ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/92)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/150). والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/114)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/51). والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي 3/121، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/138). والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/243)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/299).  ويُسنُّ عندهم في المغرِب إذا أُذِّن لها أن يجلسَ قبل الإقامة جِلسةً خفيفة.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((بَينَ كلِّ أَذانينِ صلاةٌ، بَينَ كلِّ أذانينِ صَلاةٌ، بَينَ كلِّ أذانينِ صَلاةٌ، ثمَّ قال في الثالثة: لِمَن شاءَ )) رواه البخاري (627)، ومسلم (838).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ المقصودَ بقوله: ((بَينَ كلِّ أذانينِ صَلاةٌ)) بَينَ الأذانِ والإقامةِ ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (2/252). ، فيُفصَلُ بينهما بصلاةٍ.
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصلِّي رَكْعَتينِ خَفيفتَينِ بين النِّداءِ والإقامةِ من صلاةِ الصُّبحِ )) أخرجه البخاري (619) واللفظ له، ومسلم (724)
ثانيًا: لأنَّ الأذانَ لاستحضارِ الغائبِينَ؛ فلا بدَّ من الإمهالِ ليَحضُروا ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/150).
ثالثًا: أنَّه إذا وصَلَ الأذانُ بالإقامةِ ربَّما فات الناسَ الجماعةُ، فلم يحصُل مقصودُ الأذانِ ((المجموع)) للنووي (3/120).
رابعًا: لأنَّ الأذانَ مشروعٌ للإعلام؛ فيُسنُّ الانتظارُ؛ ليدركَ الناسُ الصلاةَ، ويَتهيَّئوا لها ((المغني)) لابن قدامة (1/299).
مَطلَب: تعجيلُ إقامةِ صَلاةِ المغربِ
تُعجَّلُ إقامةُ صلاةِ المغربِ؛ فلا يطولَ الفصلُ بينها وبينَ الأذان، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة على اختلافٍ بينهم في مقدارِ هذا الفصل، فقيل: بمقدار جِلسة خفيفة، وقيل: بمقدار سَكتةٍ لطيفة، وقيل: بمقدار أداء ركعتين، وقيل غيرُ ذلك. قال ابنُ تيمية: (يُستحَبُّ أن يفصل بين الأذان والإقامة للمغرب بجِلسة بقدْر ركعتين). ((شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة)) (ص: 133). وقال الألبانيُّ: (ويُستحَبُّ المبادرة إلى صلاة المغرب، والتعجيل بها قبل اشتباك النجوم... ولا يُنافي ذلك صلاةُ الركعتين قبل المغرب؛ لثبوتهما عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قولًا وإقرارًا). ((الثمر المستطاب)) (1/61 - 62). : الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/369)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/150). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/114)، وينظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (17/374-376). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/121)، (4/8-9)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/138)، وينظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/130). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/298-299)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/410-411).
الأدلَّة من السُّنَّة:
1- عن الصُّنابِحِ بنِ الأَعسرِ الأَحمسيِّ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لَا تَزَالُ أمَّتي في مُسْكةٍ [721] مُسْكَة - بضمِّ الميمِ -: أي: بقيَّة. ويُقال: ليس لأمِره مُسكةٌ، أي: أَصلٌ يُعوَّل عليه. وليس له مُسكةٌ، أي: عقلٌ. وليس به مُسكَةٌ، أي: قُوَّةٌ. يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (4/1608)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/573). من دِينها ما لم يَنتظِرُوا بالمغربِ اشتباكَ النجومِ؛ مضاهاةَ اليهود )) [722] أخرجه أحمد (19067)، الطبراني في ((المعجم الكبير)) (8/94) (7418). حسَّنه ابن كثير في ((جامع المسانيد والسنن)) (5356)، ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/316). وحكم عليه ابن رجب بالإرسال في ((فتح الباري)) (3/240)
2- عن أبي أَيُّوبَ الأنصاريِّ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَزالُ أُمَّتي بخيرٍ - أو قال: على الفِطرَةِ - ما لم يُؤخِّروا المغربَ إلى أنْ تشتبكَ النجومُ ))  [723] رواه أبو داود (418)، وأحمد (23629)، وابن خزيمة (339)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (4/ 183) (4083) صحَّحه ووثَّق رجالَ إسناده الشوكانيُّ في ((السيل الجرار)) (1/190)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (418): حسنٌ صحيحٌ. وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (328).

انظر أيضا: