الموسوعة الفقهية

الفصلُ الخامسُ: البَيْعَتانِ في بَيْعةٍ


لا يَجوزُ ولا يصِحُّ بَيْعتانِ في بَيْعةٍ ذُكِر في تفسيرِه أقوالٌ؛ فقيل: هو أنْ يَبيعَ بثَمنٍ مؤجَّلٍ بشَرطِ شرائِه بثمنٍ حالٍّ أقلَّ منه، وهي مَسألةُ بَيعِ العِينةِ. وقيلَ: هو أنْ يَبيعَ الرَّجلُ السِّلعةَ بعَشَرةٍ نقدًا، أو بعِشرينَ نَسيئةً، فيَفترِقَ المُتَبايِعانِ دونَ تَعيينِ أحدِ الثَّمَنَينِ. يُنظَر: ((المجموع)) للنَّوَوي (9/338)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (4/225)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (29/447)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (8/238).
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: منَ السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه قال: ((نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَيْعَتَينِ في بَيْعةٍ )) أخرَجَه التِّرمذيُّ (1231)، والنَّسائيُّ (4632)، وأحمدُ (9584). قال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وقال ابنُ عبدِ البرِّ في ((الاستذكار)) (5/458): مسنَدٌ مُتَّصلٌ صحيحٌ مِن نقلِ العُدولِ، وصحَّحَه ابنُ العربيِّ في ((القبس)) (2/842)، والنَّوويُّ في ((المجموع)) (9/338)، وابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (6/496)، وقال الألبانيُّ في ((صحيح سنن النَّسائي)) (4632): حسنٌ صحيحٌ، وحسَّنَه الوادِعيُّ في ((الصحيح المسند)) (1383).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ إبْهامَ الثَّمنِ يَدخُلُ في مَعنى بَيعَتَينِ في بَيعةٍ، فيَدخُلُ في النَّهيِ الوارِدِ في الحديثِ يُنظر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلح (3/373).
ثانيًا: منَ الإجْماعِ
نقَلَ الإجْماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ الحَفيدُ قال ابن رُشدٍ الحفيدُ: (فأمَّا المنطوقُ به في الشَّرعِ فمنْه: «نَهيُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَيعِ حَبَلِ الحَبَلةِ»، ومنها: «نَهيُه عن بَيعِ ما لم يُخلَقْ»، «وعن بَيعَتَينِ في بَيعةٍ»... فهذه كلُّها بُيوعٌ جاهليَّةٌ مُتَّفقٌ على تَحريمِها) ((بداية المجتهد)) (3/167). ، والنَّوَويُّ قال النَّوويُّ: (فسَّرَ الشَّافعيُّ وغيرُه منَ العلماءِ البَيعتَينِ في بَيعةٍ تَفْسيرَينِ؛ أحدُهما: أنْ يقولَ: بِعتُكَ هذا بعَشَرةٍ نقدًا، أو بعِشرينَ نَسيئةً، والثاني: أنْ يقولَ: بِعتُكَه بمائةٍ -مثلًا- على أنْ تَبيعَني دارَكَ بكذا وكذا، وقد ذكَرَ المصنِّفُ التَّفسيرينِ في الفصلِ الذي بعْدَ هذا، وذكَرَهما أيضًا في ((التَّنبيهِ))، وذكَرَهما الأصْحابُ وغيرُهم، والأوَّلُ أشهَرُ، وعلى التَّقديرَينِ البيعُ باطلٌ بالإجْماعِ) ((المجموع)) (9/338).
ثالثًا: لأنَّه لم يَعقِدْ على ثمَنٍ بعَينِه، فهو كما لو قال: بِعتُكَ أحَدَ هذينِ يُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (2/19).

انظر أيضا: