الموسوعة الفقهية

المبحثُ الثَّامِنُ: الأَدعيةُ الواردةُ بعدَ الأذانِ


أوَّلًا: الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
تُستحَبُّ الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عقبَ الأذانِ قال ابن بازٍ: (ما يفعَلُه بعضُ الناس إذا فَرَغَ من الأذان قال: لا إله إلا الله ورَفَعَ صوته مع الأذانِ بالصَّلاة على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، هذه أيضًا بدعةٌ، وإنَّما يُكْمِلُ الأذان بلا إله إلا الله، ثم يُغْلِقُ المكَبِّر، ثم يصلِّي على النبيِّ بينه وبين نفسِه الصَّلاةَ العاديَّة التي ليس فيها جهرٌ، بل الكلام العادي، يصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم يقول: ((اللهُمَّ، ربَّ هذه الدَّعوةِ التَّامَّةِ، والصَّلاةِ القائمَةِ... إلى آخره)) أمَّا أن يجعَلَها مع الأذانِ، جزءًا من الأذانِ؛ فهذه بدعة). ((فتاوى نور على الدرب)) (1/340) ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/398). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/102)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (1/52). ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/482)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/422). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/247)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/139).
الدَّليل من السُّنَّة:
عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بن العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا سَمِعتُم المؤذِّنَ فقولوا مِثلَ ما يقولُ، ثم صَلُّوا عليَّ؛ فإنَّه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عَشرًا، ثم سَلُوا اللهَ لي الوسيلةَ؛ فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لا تَنبغي إلَّا لعبدٍ من عبادِ اللهِ، وأرجو أن أكونَ أنا هو؛ فمَن سألَ لي الوسيلةَ حَلَّتْ له الشَّفاعةُ )) [607] رواه مسلم (384).
ثانيًا: سؤالُ الوسيلةِ والفَضيلةِ والمقامِ المحمودِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
يُستحَبُّ الدُّعاءُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالوسيلةِ والفضيلةِ بعدَ الأذانِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (1/398)، وينظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/116). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/102)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/454). ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/482)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/423). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (2/26)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/247).
الأدلَّة من السُّنَّة:
1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن قال حِينَ يَسمعُ النِّداءَ: اللهمَّ ربَّ هذه الدعوةِ التامَّةِ، والصَّلاةِ القائمةِ، آتِ محمدًا الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْه مقامًا محمودًا الذي وعدتَه؛ حلَّتْ له شَفاعتي يومَ القيامةِ )) [612] رواه البخاري (614).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بن العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا سَمِعتُم المؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقولُ، ثم صلُّوا عليَّ؛ فإنَّه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثم سَلُوا الله لي الوسيلةَ، فإنَّها منزلةٌ في الجَنَّةِ لا تَنبغي إلَّا لعبدٍ من عِبادِ الله، وأرْجو أنْ أكونَ أنا هو، فمَن سألَ لي الوسيلةَ حلَّت له الشَّفاعةُ )) [613] رواه مسلم (384).
ثالثًا: قول: (رضيتُ باللهِ ربًّا، وبالإسلام دِينًا...)
يُستحبُّ أن يقولَ سامعُ المؤذِّن بعدَ أن يَنتهيَ مِن أذانِه: (أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، رضيتُ بالله ربًّا، وبمحمَّدٍ رسولًا، وبالإسلام دِينًا).
الدَّليلُ من السُّنَّة:
عن سَعدِ بن أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن قال حينَ يَسمعُ المؤذِّنَ قال القاري: (أي: صَوْتَه أو أذانَه أو قَوْلَه، وهو الأظهَرُ، وهو يحتمل أن يكون المراد به حين يسمَعُ تشهُّدَه الأوَّلَ أو الأخيرَ، وهو قولُه آخِرَ الأذان: لا إله إلا الله، وهو أنسَبُ). ((مرقاة المفاتيح)) (2/562). قال السنديُّ: (قوله: ((من قال حين يسمَعُ المؤذِّن)). الظاهرُ حين يَفْرُغ مِن سماعِ أذانه، وإلَّا فالجمعُ بينَه وبين مثلِ ما يقولُ المؤذِّن حالةَ الأذانِ مُشْكِلٌ، ومثله حديث: («من قال حينَ يسمعُ النِّداءَ اللهمَّ ربَّ هذه الدعوةِ...» إلخ). ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (1/245). لكن قال النوويُّ: (يستحبُّ أن يقول بعدَ قوله: وأنا أشهد أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ: رضيتُ بالله ربًّا، وبمحمَّد رسولًا، وبالإسلام دينًا). ((شرح النووي على مسلم)) (4/87)، وعند أبي عَوانةَ (995) من حديث سعد بن أبي وقاص قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنْ سَمِعَ المؤذِّنَ قال- وقال ابنُ عامر: من قال حين يسمَعُ المؤذِّنَ- أشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ؛ قال: أشهَدُ أنْ لا إله إلا الله، رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّدٍ نبيًّا)). : أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، رضيتُ باللهِ ربًّا، وبمحمَّدٍ رسولًا، وبالإسلامِ دِينًا؛ غُفِرَ له ذنبُه )) رواه مسلم (386).
رابعًا: الدُّعاءُ بينَ الأذانِ والإقامةِ
يُستحَبُّ الدعاءُ: بين الأذانِ والإقامةِ.
الأدلة مِنَ السُّنَّة:
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الدُّعاءُ لا يُرَدُّ بين الأذانِ والإقامةِ؛ فادْعوا )) أخرجه أحمد (12584)، وابن خزيمة (425)، وابن حبان (1696) جوَّد إسنادَه ابنُ القطَّان في ((الوهم والإيهام)) (5/227)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3405) وأخرجه أبو داود (521)، والترمذيُّ (212)، وأحمد (12221)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9896) كلهم دون لفظة: ((فادعوا)). قال الترمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ. وصحَّحه ابن حبان كما في ((بلوغ المرام)) (454)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (212).
2- عن سهلِ بنِ سعدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ثِنتانِ لا تُردَّانِ، أو قلَّما تُردَّانِ: الدُّعاءُ عند النِّداءِ، وعندَ البأسِ حين يُلحِمُ يُلحِم - بِضَمِّ الياء وكسْر الحاء -: أي حِين يَلتحِم الْحَرْب، ويلزم بَعضُهم بعضًا. يُنظر: ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) للمناوي (1/483). بعضُهم بعضًا )) أخرجه أبو داود (2540) واللفظ له، والدارمي (1200). صحَّح إسنادَه النوويُّ في ((الأذكار)) (57)، وقال ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (2/137): حسنٌ صحيحٌ. وصحَّح إسنادَه الشوكانيُّ في ((تحفة الذاكرين)) (166)، وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (2540).
3- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بن العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما: ((أنَّ رجلًا قال: يا رسولَ الله، إنَّ المؤذِّنينَ يَفضُلونَنا، قال: قلْ كما يقولون، فإذا انتهيتَ، فسَلْ تُعْطَه )) أخرجه أبو داود (524)، وابن حبان (1695)، والطبراني (14/79) (14685). جوَّد إسنادَه وقوَّاه ابنُ كثير في ((الأحكام الكبير)) (1/228)، وحسَّنه ابنُ حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/376)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (10/104)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (524): حسنٌ صحيحٌ.

انظر أيضا: