الموسوعة الفقهية

المطلب الرابع: الإجابةُ عندَ سَماعِ أَذانِ أكثرَ مِن مسجِدٍ


يُشرَعُ عندَ سماعِ أذانِ أكثرَ مِن مَسجدٍ أن يُجيبَ كلَّ المؤذِّنينَ الذين يَسمَعُهم إذا كانَ أذانُهم مشروعًا، وهذا مذهبُ الحنابلةِ ((الفروع)) لابن مفلح (2/26)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/245). قال المرداوي: (ظاهر كلامه أيضًا إجابةُ مؤذِّن ثانٍ، وثالثٍ، وهو صحيحٌ؛ قال في القواعد الأصوليَّة: ظاهر كلام أصحابنا يُستحبُّ ذلك، قال في الفروع: ومرادهم حيث يستحبُّ - يعني: الأذان. قال الشيخ تقيُّ الدين: محلُّ ذلك إذا كان الأذان مشروعًا). ((الإنصاف)) (1/301). وقال برهان الدين ابن مفلح: (لكن لو سمِع المؤذِّنَ وأجابَه وصلَّى في جماعةٍ، لا يُجيب الثاني؛ لأنَّه غيرُ مدعوٍّ بهذا الأذان). ((المبدع)) (1/280). ، وبعضِ الحنفيَّة ((البناية)) للعيني (2/99)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/397). ، وقولٌ للمالكيَّة ((منح الجليل)) لابن عليش (1/202)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/196). ، وبعضِ الشَّافعيَّة قال ابنُ حجر: (وفيما إذا أذَّن مؤذِّنٌ آخَر؛ هل يُجيبه بعد إجابته للأوَّل أو لا؟ قال النووي: لم أرَ فيه شيئًا لأصحابنا، وقال ابن عبد السلام: يُجيب كلَّ واحد بإجابةٍ؛ لتعدُّد السبب، وإجابةُ الأول أفضلُ إلَّا في الصبح والجمعة؛ فإنهما سواءٌ؛ لأنهما مشروعان). ((فتح الباري)) (2/92). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (ويُجيب مؤذِّنًا ثانيًا وأكثرَ، حيث يستحبُّ ذلك كما كان المؤذِّنان يؤذِّنان على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 408). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (والظاهرُ من الحديث التعبُّدُ بالقول مِثلَ ما يقول المؤذِّن، وسواء كان المؤذِّن واحدًا أو جماعة). ((نيل الأوطار)) (2/62). ، والصنعانيُّ قال الصنعانيُّ: (وظاهر قوله: "في النداء" أنَّه يُجيب كلَّ مؤذِّن أذَّن بعد الأوَّل، وإجابةُ الأول أفضلُ). ((سبل السلام)) (1/188). ، وابنُ باز قال ابن باز: (يُسنُّ لِمَن سمِع الأذان أن يقولَ مِثلَ ما يقول المؤذِّن، ولو كان فيه أذانٌ ثانٍ وثالث، إذا كان مشروعًا، فالسُّنَّة أن يُجيبه، ويقول المشروع، ولو كان يقرأ، فيقطع القِراءة ويُجيبه، وإن قضى المصلِّي بعدَ السلام، والمتخلِّي بعد قضاءِ الحاجة فلا حرج، كما ذكَر المؤلِّف؛ لفضلِ ذلك العظيم، حتى لو كان في الشريط أو الراديو، إذا كان ذلك في الوقت، أمَّا إذا لم يكن في الوقت فلا). نقلًا عن ((أحكام إجابة المؤذن)) لسعيد بن وهف القحطاني (ص: 33). ، وابن عُثَيمين قال ابن عثيمين: (وقول المؤلِّف: «يُسنُّ لسامعه»، أي: لسامع الأذان، فيشمل الذَّكَر والأنثى، ويَشمل المؤذِّنَ الأوَّل والثاني إذا اختَلف المؤذِّنون. فيُجيب الأوَّلَ ويُجيب الثاني؛ لعمومِ قول النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إذا سمعتُم المؤذِّن فقولوا مثلَ ما يقول»، ثم هو ذِكرٌ يُثاب الإنسان عليه، ولكن لو صلَّى ثم سمِع مؤذنًا بعدَ الصلاة، فظاهرُ الحديث أنه يُجيب لعمومِه). ((الشرح الممتع)) (2/81).
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا سَمِعتُم المؤذِّنَ فقولوا مِثلَ ما يقولُ، ثم صلُّوا عليَّ؛ فإنَّه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثم سَلُوا الله لي الوسيلةَ؛ فإنَّها منزلةٌ في الجَنَّةِ لا تنبغي إلَّا لعبدٍ من عبادِ اللهِ، وأرجو أن أكونَ أنا هو، فمَن سألَ لي الوسيلةَ؛ حلَّتْ له الشَّفاعةُ )) [598] رواه مسلم (384).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الحديثَ عامٌّ، وليس فيه تخصيصُ مؤذِّنٍ عن مؤذِّنٍ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (2/81).
ثانيًا: لتعدُّدِ السببِ، وهو السَّماعُ قال ابن عابدين: (ويَظهر لي إجابةُ الكلِّ بالقول؛ لتعدُّد السبب، وهو السماع كما اعتمده بعضُ الشافعيَّة). ((حاشية ابن عابدين)) (1/397).
ثالثًا: لأنَّه ذِكرٌ يُثاب عليه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (2/81).

انظر أيضا: