الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الخامس: أنْ يَجعَلَ إصْبعَيهِ في أُذنَيهِ


يُستحَبُّ للمؤذِّن أن يَضَعَ إصبعَيهِ في أُذنيهِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/245)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/342). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/108)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/137). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/240)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/307). ، وقولُ ابنِ حَبيبٍ من المالكيَّة قال الحطاب: ((قال في المدوَّنة، وإنْ شاء جعَل إصبعيه في أُذنيه في أذانه وإقامته، وإنْ شاء ترك؛ قال ابن ناجي: ما ذكره من أنَّ له جَعْل إصبعيه في أذنيه في أذانِه لمالكٍ والأمهات، وألحق به ابنُ القاسم في الإقامة، وقيل: إنه مستحبٌّ للمؤذِّن، قاله أبو محمد عن ابن حبيب)). ((مواهب الجليل)) (2/93). ، وعليه العملُ عند أهلِ العِلمِ قال الترمذي: (وعليه العملُ عند أهل العلم؛ يستحبُّون أن يُدخِل المؤذِّن إصبعيه في أُذنيه في الأذان، وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضًا يُدخل إصبعيه في أُذنيه، وهو قول الأوزاعي). ((سنن الترمذي)) (1/375). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال النوويُّ: (السُّنة أن يَجعل إصبعيه في صِماخي أُذنيه؛ لِمَا ذكره المصنِّف، وهذا متَّفق عليه، ونقله المحامليُّ في المجموع عن عامَّة أهل العلم). ((المجموع)) (3/108).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي جُحَيفةَ السُّوائيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((رأيتُ بلالًا رَضِيَ اللهُ عَنْه يُؤذِّن ويَدورُ، ويَتبع فاه هاهنا، وهاهنا، وإصبعاه في أُذنيهِ، ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قُبَّة له حمراءَ - أراه قال: مِن أَدَمٍ - فخرَج بلالٌ بين يديه بالعَنَزَةِ العَنَزَة: عصا أقصر من الرُّمْح، مِثلُ نِصفِه أَوْ أَكْبَرُ شَيْئًا، وفِيهَا سِنَانٌ مثل سِنان الرُّمْح، والعُكَّازة: قَريبٌ منها. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/308)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/432). فرَكزَها بالبطحاء، فصلَّى إليها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمرُّ بين يديه الكلبُ والحمارُ، وعليه حُلَّةٌ حمراءُ، كأنِّي أنظر إلى بريقِ ساقيه، قال سفيان: نراه حِبَرةً حِبَرَةً - بكسر الحاء، وفتح الباء -: حُلَّة فيها خطوط حُمْر، وليست حمراءَ بحتًا. وهي ضربٌ من برودٍ من اليمن موشًّى مخطَّط، وقيل: الحُلَّة الحمراء، بُردان يمانيَّان منسوجانِ بخطوطٍ حُمْر مع الأسود. وقوله: (نراه حِبَرَةً): أي: نظنُّ أنَّ الحُلَّة الحمراء التي كانتْ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم تكن حمراءَ بحتًا، بل كانتْ حِبَرةً، يعني كانت فيها خطوطٌ حُمر. يُنظر: ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص: 370، 487)، ((تاج العروس)) للزبيدي (10/507)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/132)، ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (1/503). )) رواه الترمذي (197)، وابن ماجه (711)، وأحمد (18759)، والحاكم (1/318). قال الترمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وصحَّحه الحاكم في ((المستدرك)) (1/318)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/262)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (197)، وقال ابن حجر في ((تغليق التعليق)) (2/269): إسناده لا بأس به
ثانيًا: أنَّه قد يكونُ أرفعَ للصَّوت، وهذا مقصودُ الأذان ((فتح الباري)) لابن حجر (2/115)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/245).
ثالثًا: أنَّه علامةٌ للمؤذِّن؛ ليَعرِفَ مَن رآه على بُعدٍ، أو كان به صممٌ أنَّه يُؤذِّن ((فتح الباري)) لابن حجر (2/116).

انظر أيضا: