الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: بَيعُ الشَّجرِ المثمِرِ إذا كان الثَّمرُ ظاهرًا ظُهورِ الثِّمارِ يَختلِف باختلافِ أنواعِه، قال شمْسُ الدِّين ابنُ قُدامةَ: (الشَّجرُ على خمْسةِ أضرُبٍ؛ أحدُها: ما تكونُ ثَمرتُه في أكْمامٍ ثمَّ تَتفتَّحُ فتَظهَرُ، كالنَّخلِ ومِن هذا الضَّربِ القُطنُ، وما يُقصَدُ نَوْرُه كالورْدِ، والياسمينِ، والنَّرجِسِ، والبَنَفْسجِ؛ فإنَّه تَظهَرُ أكْمامُه ثمَّ تَتفتَّحُ، فهو كالطَّلْعِ إنْ تَفتَّحَ فهو للبائعِ، وإلَّا فهو للمشتري الثاني: ما تَظهَرُ ثَمرتُه بارزةً لا قِشرَ عليها ولا نَوْرَ؛ كالتِّين، والتُّوتِ، والجُمَّيْزِ، فهي للبائعِ؛ لأنَّ ظُهورَها مِن شجَرِها بمَنزلةِ ظُهورِ ما في الطَّلعِ الثالثُ: ما يَظهَرُ في قِشرهِ ثمَّ يَبْقى فيه إلى حينِ الأكلِ؛ كالمَوزِ، والرُّمَّانِ، فهو للبائعِ أيضًا بنفْسِ الظُّهورِ؛ لأنَّ قِشرَه مِن مَصلحتِه، ويَبْقى فيه إلى حينِ الأكلِ، فهو كالتِّينِ الرابعُ: ما يَظهَرُ في قِشرينِ، كالجَوز، واللَّوز، فهو للبائعِ أيضًا بنفسِ الظُّهورِ الخامسُ: ما يَظهُرُ نَوْرُه ثمَّ يَتناثَرُ فتَظهَرُ الثَّمرةُ، كالتُّفاحِ، والمِشْمِش، والإجَّاصِ، والخَوخ، فإذا تَفتَّحَ نَوْرُه وظهَرت الثَّمرةُ فيه، فهو للبائعِ، وإن لم تَظهَرْ فهو للمشتري) ((الشرح الكبير على المقنع)) (4/194)


مَن باع شجَرًا مُثمِرًا، وكان الثَّمرُ ظاهرًا؛ فثَمرتُها للبائعِ، إلَّا أنْ يَشترِطَ المُشْتري الثَّمرةَ له، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ الحنَفيَّةُ نصُّوا على أنَّ الثَّمرَ للبائعِ، ظهَرَ أم لم يَظهَر، إذا لم يَشترِطِ المشتري. ((الهداية)) للمَرْغِيناني (3/25)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (5/322)، ((الفتاوى الهندية)) (3/35). ، والمالكيَّةِ ((شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني)) (5/ 326)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (3/ 172)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (5/282). ، والشَّافعيَّةِ ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/455)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/86)، ((نهاية المحتاج)) للرَّملي (4/140). ، والحنابِلةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/5)، ((الإنصاف)) للمرداوي (5/50)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/280)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/196).
الدَّليلُ مِن السُّنَّةِ:
عن عبْدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن باع نخْلًا قدْ أُبِّرَت فثَمرُها للبائعِ، إلَّا أنْ يَشترِطَ المُبتاعُ )) أخرجه البخاري (2204)، ومسلم (1543).
وَجهُ الدَّلالةِ:
دلَّ مَنطوقُ الحديثِ على أنَّ النَّخلَ المُؤبَّرَ ثمَرُه للبائعِ، وغيرُ النَّخلِ مِن الشَّجرِ مَقيسٌ عليه؛ فما ظهَرَ منه فهو للبائعِ يُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (2/189)، ((المنتقى)) للباجي (4/215)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (4/55)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/140)، ((شرح زروق على متن الرسالة)) (2/765).

انظر أيضا: