الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: بَيْعُ الهِرِّ (السِّنَّورِ) أُفرِدَ بالذِّكرِ لكثرةِ انتشارِه واقتناءِ النَّاسِ له


يَجوزُ بَيْعُ الهِرِّ (السِّنَّورِ)، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصَّاص (3/108)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيلعي (4/126)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/142). ، والمالِكيَّةِ ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (4/267)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (4/455). ، والشَّافِعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (9/229)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/400). ، والحَنابِلةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (3/348)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/187). ، وهو قَوْلُ جُمهورِ السَّلفِ قال النَّوويُّ: (رخَّصَ في بَيعِه ابنُ عبَّاسٍ، وابنُ سِيرينَ، والحكَمُ، وحمَّادٌ، ومالكٌ، والثَّوريُّ، والشَّافعيُّ، وأحمَدُ، وإسحاقُ، وأبو حَنِيفةَ، وسائرُ أصحابِ الرَّأيِ) ((المجموع)) (9/229)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/193). ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عبْدِ البَرِّ: (بدَليلِ إجماعِهم على بَيْعِ الهِرِّ، والسِّباعِ، والفُهودِ المتَّخَذةِ للصُّيدِ، والحُمرِ الأهليَّةِ) ((التمهيد)) (9/46). وقال الحدَّاديُّ: (يَجوزُ بَيْعُ الهِرَّةِ بالإجماعِ) ((الجوهرة النيرة)) (1/220). خالَفَ في ذلك بعضُ العُلَماءِ وقالوا بعدَمِ جَوازِ بَيعِ الهِرِّ. يُنظر: ((الأوسط)) لابن المنذر (6/214)، ((المحلى)) لابن حزم (7/498)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/685).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن كَبْشةَ بنتِ كَعبِ بنِ مالكٍ -وكانت تحْتَ ابنِ أبي قَتادةَ-: ((أنَّ أبا قَتادةَ دَخَل، فسَكَبْتُ له وَضُوءًا، فجاءَتْ هِرَّةٌ فشَرِبَت منْه، فأَصْغى لها الإناءَ حتَّى شَرِبَت. قالتْ كَبْشةُ: فرَآنِي أنْظُرُ إليهِ، فقالَ: أتَعجَبِينَ يا ابْنةَ أخِي؟ فقُلْتُ: نعَمْ. فقال: إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: إنَّها ليْسَتْ بنَجَسٍ؛ إنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عليكُم والطَّوَّافاتِ )) أخرجه أبو داود (75) واللفظ له، والترمذي (92)، والنسائي (68)، وابن ماجه (367)، وأحمد (22580). صحَّحه التِّرمذيُّ، وابنُ حِبَّانَ في ((صحيحه)) (1299)، والحاكمُ في ((المستدرك)) (567)، وابنُ عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (1/318)، والنَّوويُّ في ((المجموع)) (1/117)، وابنُ الملقِّنِ في ((البدر المنير)) (1/551)، وابنُ حَجرٍ في ((المطالب العالية)) (1/59)، والألبانيُّ في ((صحيح سُنن أبي داود)) (75)، وشُعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (75).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ دَليلٌ على إباحةِ اتِّخاذِ الهِرِّ للانتفاعِ به، ومَعلومٌ أنَّ ما جاز الانتفاعُ به جاز شِراؤُه وبَيْعُه، إلَّا ما خُصَّ بدَليلٍ يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (1/164)، ((معالم السنن)) للخطابي (1/41)، ((شرح سنن ابن ماجه)) لمُغَلْطاي (ص: 203).
ثانيًا: لأنَّه حَيوانٌ مُباحٌ نفْعُه واقْتِناؤُه مُطلَقًا، فيَجوزُ بَيْعُه كالبَغْلِ يُنظر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (3/348)

انظر أيضا: