الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: بَيْعُ الحيوانِ الَّذي يُنتفَعُ به قال ابنُ عبْدِ البَرِّ: (الحَيوانُ صِنفانِ: صِنفٌ يُؤكَلُ لَحْمُه، وصِنفٌ لا يُؤكَلُ لَحْمُه، وكلُّ ما جاز أكْلُ لَحْمِه جاز شِراؤه وبَيْعُه، وما لا يَجوزُ أكْلُ لَحْمِه يَنقسِمُ قِسمَينِ: أحدُهما: ممَّا يُنتفَعُ به وهو حَيٌّ، والآخَرُ: لا مَنْفعةَ فيه، فكلُّ ما فيه مَنفَعةُ الرُّكوبِ، والزِّينةِ، والصَّيدِ، وغيْرِ ذلك ممَّا يَنتفِعُ به الآدمِيُّون؛ جاز بَيْعُه وشِراؤه، إلَّا الكلْبَ وحْدَه؛ لنَهيِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ثَمَنِ الكلْبِ وما لا مَنْفعةَ فيه مِن الحيوانِ لم يَجُزْ بَيعُه بحالٍ مِن الأحوالِ) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (2/674)


يَجوزُ بَيْعُ الحيوانِ الَّذي يُنتفَعُ به في الجُملةِ على خِلافٍ بيْن المذاهبِ في بعضِ الحيواناتِ هل يُنتفَعُ بها أمْ لا؟ ، إلَّا ما استَثْناه الشَّرعُ كالكلْبِ والخِنزيرِ. يُنظر: ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (2/674)، ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/193، 194)، ((المجموع)) للنووي (9/240)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهُمام (6/419). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ ((تبيين الحقائق)) للزَّيلعي (4/126)، ((الدر المختار للحَصْكَفي وحاشية ابن عابدين)) (5/227)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهُمام (6/419). ، والمالِكيَّةِ ((الكافي)) لابن عبد البر (2/674، 657)، ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/64). ، والشَّافِعيَّةِ ((فتح العزيز)) للرافعي (8/118)، ((المجموع)) للنووي (9/240). ، والحَنابِلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/152)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/8)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/193، 194). ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ حَزْمٍ: (اتَّفقوا أنَّ بَيْعَ الحيوانِ المتمَلَّكِ -ما لم يكُنْ كلْبًا، أو سِنَّورًا، أو نحْلًا، أو ما لا يُنتفَعُ به- جائزٌ) ((مراتب الإجماع)) (ص: 87). وقال شمْسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (كلُّ عَينٍ مَملوكةٍ يَجوزُ اقتِناؤها والانتفاعُ بها في غيرِ حالِ الضَّرورةِ؛ يَجوزُ بَيْعُها، إلَّا ما استثْناهُ الشَّرعُ كالكلْبِ... والمنفعةُ المباحةُ يُباحُ له استِبْقاؤها، فجاز له أخْذُ عِوَضِها، وأُبِيحَ لغيرِه بذْلُ مالِه فيها... وسواءٌ في ذلك ما كان طاهرًا، كالثِّيابِ، والعَقارِ، وبَهيمةِ الأنعامِ، والخيْلِ، والصُّيودِ، أو مُختلَفًا في نَجاستِه، كالبَغْلِ والحِمارِ، لا نَعلَمُ في ذلك خِلافًا) ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (4/8).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قولُه تعالَى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة: 275]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ أباح البَيْعَ، فيَبْقى على أصلِ الإباحةِ إلَّا ما استثْناهُ الشَّرعُ، ويَدخُلُ في الإباحةِ جميعُ الحيواناتِ الممْلوكةِ الَّتي يُنتفَعُ بها يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/194).
ثانيًا: لأنَّ البَيْعَ شُرِعَ طَريقًا للتَّوصُّلِ إلى قَضاءِ الحاجةِ، واستيفاءِ المنْفعةِ المُباحةِ؛ ليَصِلَ كُلُّ واحدٍ إلى الانتفاعِ بما في يَدِ صاحبِه، فيَجوزُ بَيْعُ الحيوانِ الَّذي يُنتفَعُ به يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/194).

انظر أيضا: