الموسوعة الفقهية

المَبْحَثُ الحادي عشَرَ: بَيْعُ الماءِ بعْدَ حِيازتِه


يَجوزُ بَيْعُ الماءِ بعْدَ حِيازتِه في الآنيةِ ونحْوِها.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عنِ الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لَأَنْ يَأخُذَ أحَدُكم أحْبُلًا، فيَأْخُذَ حُزْمةً مِن حَطَبٍ، فيَبِيعَ، فيَكُفَّ اللهُ بهِ وَجْهَه؛ خَيرٌ مِن أنْ يَسأَلَ النَّاسَ، أُعْطِيَ أمْ مُنِعَ )) أخرجه البخاري (2373).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ ما يَحُوزُه الشَّخصُ -سواءٌ أكان حطَبًا أو ماءً- فإنَّه يَملِكُه، ومَن مَلَكَ شيئًا فله أنْ يَبيعَه يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/62)، ((عمدة القاري)) للعَيني (12/217)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/16)
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجْماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ قال ابنُ المُنذِرِ: (يدُلُّ على ذلك نَهْيُه عن بَيعِ فضْلِ الماءِ، ويدُلُّ أيضًا على أنَّ ذلك معناهُ قولُ كُلِّ مَن نَحفَظُ عنه مِن أهلِ العِلمِ على أنَّ مَن أخَذَ ماءً مُباحًا -مِثلُ: أنْ يَأخُذَ الرَّجلُ ماءً مِن النِّيلِ أو الفُراتِ في ظَرْفٍ معه- أنَّ له بَيْعَ ذلك، ولا يَجوزُ أنْ يُجمِعوا على خِلافِ سُنَّةٍ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ((الأوسط)) (10/130). ، والمازريُّ قال المازريُّ: (اعْلمْ أنَّ مِن النَّاسِ مَن زعَمَ أنَّ الإجماعَ قدْ حصَلَ على أنَّ مَن أخَذَ مِن دِجلةَ ماءً في إنائِه، وحازَهُ دونَ النَّاسِ؛ أنَّ له بَيْعَه، إلَّا قولًا شاذَّا ذُكِرَ في ذلك لا يُعتَدُّ بخِلافِه عِنده) ((المعْلَم بفوائد مسلم)) (2/288) ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامةَ: (أمَّا ما يَحُوزُه مِن الماءِ في إنائهِ، أو يَأخُذُه مِن الكلأِ في حَبْلِه، أو يَحُوزُه في رَحْلِه، أو يَأخُذُه مِن المعادِنِ؛ فإنَّه يَملِكُه بذلك، وله بَيْعُه بلا خِلافٍ بيْن أهلِ العِلمِ) ((المغني)) (4/62). ، وأبو العبَّاسِ القُرْطبيُّ قال أبو العبَّاسِ القُرْطبيُّ: (المسْلمون مُجمِعون على أنَّ الإنسانَ إذا أخَذَ الماءَ مِن النِّيلِ -مثلًا- فقدْ مَلَكَه، وأنَّ له بَيْعَه) ((المفهم)) (4/441). ، وابنُ القطَّانِ قال ابنُ القطَّانِ: (لا خِلافَ بيْن العُلَماءِ -إلَّا مَن شَذَّ ممَّن لا يُعَدُّ خِلافُه خِلافًا- بأنَّ رَجلًا لوِ اغتَرَفَ في إناءٍ ماءً مِن دِجْلةَ؛ أنَّ له بَيْعَه وشُرْبَه والانتفاعَ به؛ إذ هو مَحصورٌ مَعلومُ المِقدارِ) ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (2/223).
ثالثًا: مَضَت العادةُ في الأمصارِ ببَيعِ الماءِ في الرَّوايا مِن غيْرِ نَكيرٍ، وليْس لأحدٍ أنْ يَشرَبَ منه، ولا يَتوضَّأَ، ولا يَأخُذَ؛ إلَّا بإذنِ مالكِه قال ابنُ قُدامةَ: (أمَّا ما يَحُوزُه مِن الماءِ في إنائهِ، أو يَأخُذُه مِن الكلأِ في حَبْلِه، أو يَحُوزُه في رَحْلِه، أو يَأخُذُه مِن المعادِنِ؛ فإنَّه يَملِكُه بذلك، وله بَيْعُه بلا خِلافٍ بيْن أهلِ العِلمِ) ((المغني)) (4/62).

انظر أيضا: