الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّالثُ: شُروطُ بَيْعِ الجِزافِ


الفَرْعُ الأوَّلُ: رُؤيةُ المَبيعِ جِزافًا
يُشتَرَطُ في بَيْعِ الجِزافِ رُؤيةُ المَبيعِ جِزافًا، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ لأنَّ الجهالةَ تَنْتفي عِندهم بحُضورِ المَبيع والإشارةِ إليه. ((تبيين الحقائق للزَّيلعي مع حاشية الشلبي)) (4/5). ، والمالِكيَّةِ ((مختصر خليل)) (ص 145)، ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/100). ، والشَّافِعيَّةِ لم يَنُصَّ الشَّافعيةُ على وقْتِ المشاهَدةِ. ((فتح العزيز)) للرَّافعي (4/49)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/367). ، والحَنابِلةِ ((كشَّاف القناع)) للبهوتي (3/169). ؛ وذلك لأنَّ الشَّيءَ إنَّما يُباعُ على رُؤيةٍ أو على صِفةٍ، والحاضرُ لا يُكْتفى فيه بالصِّفةِ؛ لإمكانِ مَعلوميَّتِه بالرُّؤيةِ يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/100)، ((كشَّاف القناع)) للبهوتي (3/169).
الفَرْعُ الثَّاني: اشتِراطُ جَهلِ قَدْرِ الكَيلِ، أو الوزْنِ، أو العدَدِ في المَبيعِ جِزافًا
لا يُشتَرَطُ في بَيْعِ الجِزافِ أنْ يَجهَلَ المُتبايِعانِ قَدْرَ الكَيلِ، أو الوزْنِ، أو العدَدِ، وهو مَذْهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ اشتَرَطَ الحَنفيَّةُ لصِحَّتِه شرطًا واحدًا؛ وهو أنْ يكونَ مُميَّزًا مُشارًا إليه. ((مختصر اختلاف العُلَماء)) للطحاوي (3/62)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيلعي (4/5)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/538). ، والشَّافِعيَّةِ ((العزيز شرح الوجيز)) للرَّافعي (8/144)، وينظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعِمْراني (5/93)، ((حلية العُلَماء)) للقَفَّال (4/104). ، والحَنابِلةِ عندَ الحنابِلةِ: يَصِحُّ إذا جَهِلَ المتبايِعانِ القدْرَ أو عَلِماه، أمَّا إذا عَلِمَ البائعُ القدْرَ وحْدَه، فيَحرُمُ، ويَصِحُّ البَيعُ. ((كشَّاف القناع)) للبُهُوتي (3/169)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/16). ، وهو قَوْلُ طائفةٍ مِن السَّلفِ قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (ممَّن قال: لا بأسَ أنْ يَبيعَ الإنسانُ طَعامًا قدْ عَلِمَ مِقدارَه مُجازَفةً ممَّن لم يَعلَمْ مِقدارَه؛ الشَّافعيُّ، وأبو حَنيفةَ وأصحابُه، والثَّوريُّ، والحسَنُ بنُ حَيٍّ، وداودُ، وأحمَدُ بنُ حَنبلٍ، والطَّبريُّ، ورُوِي ذلك عن الحسَنِ البصْريِّ على اختلافٍ عنه) ((التمهيد)) (13/341).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قولُه تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة: 275]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ كُلَّ بَيْعٍ حَلالٌ على ظاهرِ هذه الآيةِ، إلَّا أنْ تَمنَعَ منه سُنَّةٌ، ولم تَرِدْ سُنَّةٌ في المنْعِ مِن هذا؛ بلْ قدْ ورَدَت السُّنَّةُ في إجازةِ بَيْعِ الطَّعامِ جِزافًا يُنظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (13/341).
ثانيًا: لأنَّه إذا جاز البَيْعُ مع جَهلِهما بمِقدارِه، فمعَ العِلمِ مِن أحدِهما أَولى يُنظر: ((المغني)) لابن قُدَامة (4/95).
ثالِثًا: أنَّ عِلمَ البائعِ بمِقدارِ كَيْلِه ليْس بغِشٍّ، فيَجوزُ يُنظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (13/341).

انظر أيضا: