الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّالثُ: حُكْمُ الخِيارِ في بَيْعِ المُسْترسِلِ


يَثبُتُ خِيارُ الغَبْنِ الغَبْنُ: هو أنْ يَشترِيَ بأكثَرَ مِن القِيمةِ بكَثيرٍ فيُغبَنَ المشْتري، أو يَبيعَ بأقلَّ مِن القِيمةِ بكَثيرٍ فيُغبَنَ البائعُ، وفي هذه الحالةِ: المغبونُ إذا كان يَجهَلُ بقِيمةِ السِّلعةِ، ولا يُحسِنُ أنْ يُماكِسَ في السِّعرِ؛ فله خِيارُ رَدِّ تلك السِّلعةِ إن أراد. ويُنظر مَبحَث: خِيار الغَبْنِ. للمُسترسِلِ، وهو مَن يَجهَلُ قِيمةَ السِّلعةِ ولا يُحسِنُ المبايَعةَ يَسقُطُ خِيارُ الغَبْنِ برِضا المَغبونِ، أو تَصرُّفِه في السِّلعةِ. يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/424)، ((كشَّاف القناع)) للبهوتي (3/213)، ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/371). ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ يَثبُتُ الخِيارُ للمُشتري عِندَهم في حالَتَين: أوَّلُهما: في بَيْعِ الاستئمانِ والاسترسالِ، ثانيهما: أنْ يكونَ البائعُ بالغَبْنِ أو المشْتري به وَكِيلًا أو وَصِيًّا. ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/468)، ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/404). ، والحَنابِلةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفْلِح (3/417)، ((كشَّاف القناع)) للبهوتي (3/212). ، وقوْلٌ للحَنَفيَّةِ أفْتى بعضُ الحَنفيَّةِ بثُبوتِ الخِيارِ بالغَبْنِ الفاحشِ. ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/125، 126)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/143). ، واخْتارَه ابنُ تَيمِيَّةَ قال ابنُ تَيميَّةَ: (إذا كان المشْتري مُسترسِلًا -وهو الجاهلُ بقِيمةِ المَبيعِ- لم يَجُزْ للبائعِ أنْ يَغْبِنَه غَبْنًا يَخرُجُ عن العادةِ؛ بلْ عليه أنْ يَبِيعَه بالقِيمةِ المعتادةِ أو قَريبٍ منها، فإنْ غَبَنَه غَبْنًا فاحشًا، فللمُشْتري الخِيارُ في فسْخِ البَيْعِ وإمضائهِ) ((مجموع الفتاوى)) (29/359). ، وابنُ بازٍ قال ابنُ بازٍ: (فالواجبُ على المسْلمينَ ألَّا يَخدَعوا إخوانَهم، وألَّا يَظلِموهم، وأنْ يَبِيعوهم بالبيعِ المعتادِ؛ فالَّذي لا يُحسِنُ البَيْعَ يُعامَلُ كالذَّي يُحسِنُ البَيْعَ، لا يُخدَعُ، فإذا خُدِعَ فهو مَظلومٌ، فله الخيارُ) ((الموقع الرسمي للشيخ ابن باز)). ، وابنُ عُثَيمينَ قال ابنُ عُثَيمينَ: (الصَّحيحُ: أنَّ كُلَّ مَن جَهِلَ القِيمةَ، فإنَّ له الخيارَ) ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (3/582).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابنِ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((ذكَرَ رجُلٌ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه يُخدَعُ في البُيوعِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا بايعْتَ فقُلْ: لا خِلابةَ (لا خِلابةَ) بمعنى: لا خَدِيعةَ، أي: لا تَحِلُّ لك خَدِيعتي. يُنظر: ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (10/177)، ((فتح الباري)) لابن حجر (4/337). )) أخرجه البخاري (2117)، ومسلم (1533) واللفظ له.
2 – عن أبي هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَلقَّوُا الجَلَبَ، فمَن تَلقَّاه فاشْتَرى منه، فإذا أتى السُّوقَ فهو بالخِيارِ )) أخرجه مسلم (1519).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أثبَتَ له الخِيارَ؛ وذلك مِن أجْلِ الغَبْنِ يُنظر: ((التعليقة الكبيرة في مسائل الخلاف)) لأبي يعلى (3/162).
ثانيًا: لأنَّ الغَبْنَ حصَلَ للمُسترسِلِ لجَهْلِه بالبَيْعِ فثَبَت له الخِيارُ، كالغَبْنِ في تَلقِّي الرُّكبانِ يُنظر: ((المغني)) لابن قُدَامة (3/498)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/417).
فَرعٌ: ثُبوتُ الخِيارِ للجاهلِ بالقِيمةِ الَّذي يُجِيدُ المُماكَسةَ المُماكَسةُ: هي المحاطَّةُ في الثَّمنِ، وهي الَّتي تُعرَفُ بالمكاسَرةِ في الثَّمنِ. يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (8/300).
يَثبُتُ خِيارُ الغَبْنِ الغَبْنُ: هو أنْ يَشترِيَ بأكثَرَ مِن القِيمةِ بكَثيرٍ فيُغبَنَ المشْتري، أو يَبيعَ بأقلَّ مِن القِيمةِ بكَثيرٍ فيُغبَنَ البائعُ، وفي هذه الحالةِ: المغبونُ إذا كان يَجهَلُ بقِيمةِ السِّلعةِ، فله خِيارُ رَدِّ تلك السِّلعةِ إنْ أراد. ويُنظر مَبحَث: خِيار الغَبْنِ. للجاهلِ بقِيمةِ المَبيعِ حتَّى لو كان يُجيدُ المُماكَسةَ، وهو قَوْلٌ للحَنَفيَّةِ أفْتى بعضُ الحنفيَّةِ بثُبوتِ الخِيارِ بالغَبنِ الفاحشِ. ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/125، 126)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/143). ، وقَوْلٌ للمالِكيَّةِ ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (4/470)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيش (5/218). ، وقَوْلٌ للحَنابِلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (4/286)، ((شرح الزركشي على مختصر الخِرَقي)) (3/644)، ((المحرر في الفِقه على مذهب الإمام أحمد)) (1/329)، ((الفتاوى السعدية)) لعبد الرحمن السعدي (ص: 284). ، واخْتارَهُ ابنُ تَيمِيَّةَ قال ابنُ تَيميَّةَ: (الجالِبُ إذا لم يَعرِفِ السِّعرَ كان جاهلًا بثَمنِ المِثلِ، فيكونُ المشْتري غارًّا له؛ ولهذا ألْحَقَ مالكٌ وأحمدُ بذلك كُلَّ مُسترسِلٍ. والمسْترسِلُ: الَّذي لا يُماكِسُ والجاهلُ بقِيمةِ المَبيعِ؛ فإنَّه بمَنزِلةِ الجالِبِينَ الجاهِلِين بالسِّعرِ، فتَبيَّنَ أنَّه يَجِبُ على الإنسانِ ألَّا يَبِيعَ مِثلَ هؤلاء إلَّا بالسِّعرِ المعروفِ، وهو ثمَنُ المِثلِ، وإنْ لم يكُنْ هؤلاء مُحتاجِين إلى الابتياعِ مِن ذلك البائعِ؛ لكنْ لكَونِهم جاهِلِين بالقِيمةِ، أو مُسْلمينَ إلى البائعِ غيرَ مُماكِسِينَ له، والبيعُ يُعتبَرُ فيه الرِّضا، والرِّضا يَتبَعُ العِلمَ، ومَن لم يَعلَمْ أنَّه غُبِنَ، فقدْ يَرْضى وقدْ لا يَرْضى؛ فإذا عَلِمَ أنَّه غُبِنَ ورَضِيَ فلا بأْسَ بذلك، وإذا لم يَرْضَ بثَمنِ المِثلِ لم يُلتَفَتْ إلى سَخطِه، ولهذا أثبَتَ الشَّارعُ الخِيارَ لمَن لم يَعلَمْ بالعَيبِ أو التَّدليسِ) ((مجموع الفتاوى)) (28/104). وقال: (وثبُوتُ الخِيارِ بالغَبْنِ للمُسترسِلِ -وهو الَّذي لا يُماكِسُ- هو مَذهَبُ مالِكٍ وأحمَدَ وغيرِهما؛ فليْس لأهلِ السُّوقِ أنْ يَبِيعوا المماكِسَ بسِعرٍ، ويَبِيعوا المسْترسِلَ -الَّذي لا يُماكِسُ أو مَن هو جاهلٌ بالسِّعرِ- بأكثَرَ مِن ذلك السِّعرِ؛ هذا ممَّا يُنكَرُ على الباعةِ، وجاء في الحديثِ: «غَبْنُ المسترسِلِ رِبًا»، وهو بمَنزلةِ تَلقِّي السِّلعِ؛ فإنَّ القادمَ جاهلٌ بالسِّعرِ) ((مجموع الفتاوى)) (28/75). وسُئل: (عمَّن يَسُومُ السِّلعةَ بثَمنٍ كثيرٍ ويَبيعُها بأزْيَدَ مِن القيمةِ المُعتادةِ، وقدْ يكونُ المشْتري جاهلًا بالقيمةِ؛ هلْ يَجوزُ ذلك أمْ لا؟ فأجابَ: أمَّا إذا كان المشْتري مُسترسِلًا -وهو الجاهلُ بقِيمةِ المَبيعِ- لم يَجُزْ للبائعِ أنْ يَغبِنَه غَبْنًا يَخرُجُ عن العادةِ؛ بل عليه أنْ يَبيعَه بالقيمةِ المعتادةِ أو قَريبٍ منها، فإنْ غَبَنَه غَبْنًا فاحشًا، فللمُشْتري الخِيارُ في فسْخِ البَيْعِ وإمضائهِ) ((مجموع الفتاوى)) (29/359). ، وابنُ القَيِّمِ قال ابنُ القيِّمِ: (في الحديثِ «غَبْنُ المسترسِلِ رِبًا»، وفي تَفسيرِه قَولانِ؛ أحدُهما: أنَّه الَّذي لا يَعرِفُ قِيمةَ السِّلعةِ. والثَّاني -وهو المنصوصُ عن أحمَدَ- أنَّه الَّذي لا يُماكِسُ، بلْ يَسترسِلُ إلى البائعِ، ويقولُ: أعْطِني هذا. وليْس لأهلِ السُّوقِ أنْ يَبِيعوا المماكِسَ بسِعرٍ، ويَبِيعوا المسترسِلَ بغَيرِه، وهذا ممَّا يَجِبُ على والِي الحِسبةِ إنكارُه، وهذا بمَنزلةِ تَلقِّي السِّلَعِ؛ فإنَّ القادمَ جاهلٌ بالسِّعرِ) ((الطرق الحكمية)) (ص: 204). وقال: (فإنَّ الجالِبَ إذا لم يَعرِفِ السِّعرَ كان جاهلًا بثَمنِ المِثلِ، فيكونُ المشْتري غارًّا له. وألْحَقَ مالكٌ وأحمدُ بذلك كُلَّ مُسترسِلٍ؛ فإنَّه بمَنزلةِ الجالبِ الجاهلِ بالسِّعرِ، فتَبيَّنَ أنَّه يَجِبُ على الإنسانِ: ألَّا يَبيعَ مِثلَ هؤلاء إلَّا بالسِّعرِ المعروفِ، وهو ثمَنُ المِثلِ، وإنْ لم يَكونوا مُحتاجِين إلى الابتياعِ منه، لكنْ لكَونِهم جاهِلِين بالقيمةِ، أو غيرَ مُماكِسِين، والبيعُ يُعتبَرُ فيه الرِّضا، والرِّضا يَتبَعُ العلمَ، ومَن لم يَعلَمْ أنَّه غُبِنَ فقدْ يَرْضى وقدْ لا يَرْضى، فإذا عَلِمَ أنَّه غُبِنَ ورَضِي، فلا بأْسَ بذلك) ((الطرق الحكمية)) (ص: 221). ، وعبدُ الرَّحمنِ السِّعديُّ سُئِل عبْدُ الرَّحمنِ السِّعديُّ في قولِهم في المسْترسِلِ: هو مَن جَهِلَ القيمةَ ولم يُحسِنِ المماكَسةَ، فهلْ يَكْفي وُجودُ أحدِهما؟ فأجابَ: (عِباراتُهم كلُّها صَريحةٌ أنَّهما قيْدانِ لا بُدَّ منهما، وأنَّه إذا كان يَجهَلُ القيمةَ، وهو يُحسِنُ المماكَسةَ؛ فليْس بمُسترسِلٍ. وعلَّلوه: إذا غُبِنَ فإنَّما هو لعَجَلتِه، وعدَمِ تَمهُّلِه، وكذلك إذا كان لا يُحسِنُ يُماكِسُ، ولكنَّه قدْ عرَفَ القِيمةَ، ولم يَجهَلْها؛ فليْس بمُسترسِلٍ. هذا مُرادُهم رَحِمَهم اللهُ، وهو مَفهومٌ مِن عِباراتِهم وتَعليلِهم، مع أنَّ في المسألةِ قولًا في المَذهَبِ: أنَّ الغَبْنَ مُطلَقًا يُوجِبُ الخيارَ، ولو لم يكُنِ المغبونُ واحدًا مِن هؤلاء الثَّلاثةِ، ووَجْهُ هذا: أنَّ البائعَ والمشْتريَ كُلُّ واحدٍ منهما قدْ دخَلَ على أنْ يَتعوَّضَ بقِيمةِ المثلِ، أو زِيادةٍ أو نقْصٍ قَليلٍ لا يُجحِفُ، فلمَّا حَصَلَ الغَبْنُ بأيِّ صُورةٍ كانت، خَرَجَت المعاوَضةُ عن هذا الموضوعِ، وعُلِمَ أنَّ المشْتريَ المغبونَ لم يَرْضَ بالغَبنِ الفاحشِ، ومُجرَّدُ استعجالِه لا يُوجِبُ إهدارَ الغَبنِ، وقدْ يَثِقُ بالبائعِ وأمانتِه، فيَترُكُ المماكَسةَ لذلك وهو يُحسِنُها، فلا يكونُ له في هذه الخيارُ. وإذا قالوا: إنَّ الشَّارعَ إنَّما أثبَتَ خِيارَ التَّلقِّي والمسترسِلِ، ونحنُ قدْ أثبَتْنا النُّجوشَ عليه للتَّقريرِ، فيُقالُ: هذا مَوجودٌ في كُلِّ صُوَرِ الغَبنِ، فإذا أثبَتَ الشَّارعُ خِيارًا، وعَلِمْنا أنَّ عِلَّتَه الغَبْنُ، عَلِمْنا أنَّ هذه العِلَّةَ تَتعدَّى لكلِّ ما وُجِدَ فيه هذا المعنى؛ لأنَّ الشَّارعَ قدْ يَنُصُّ على أشياءَ مَخصوصةٍ لعِلَّةٍ عامَّةٍ، فيَتعدَّى الحكمُ بعُمومِ عِلَّتِه) ((الفتاوى السعدية)) (ص: 284). وقال: (الصَّحيحُ: أنَّ كُلَّ مَن جَهِلَ القِيمةَ، فإنَّ له الخيارَ) ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (3/582). ، وابنُ عُثَيمينَ قال ابنُ عُثَيمينَ: (وقولُه في الرَّوضِ: «ولم يُحسِنِ المماكَسةَ» ظاهرُه أنَّه إذا كان يُحسِنُ المماكَسةَ، فإنَّه لا خِيارَ له ولو غُبِنَ، مثالُه: رجُلٌ يَجهَلُ قِيمةَ الأشياءِ لكنَّه جيِّدٌ في المماكَسةِ، فأتى إلى صاحبِ الدُّكَّانِ، وقال له: كمْ قِيمةُ هذا المسجِّلِ؟ قال: قِيمتُه مائِتا رِيالٍ، وصاحبُ الدُّكَّانِ وضَعَ وَرَقةً عليه صَغيرةً وكتَبَ عليها: مائتيْ رِيالٍ، وهو جيِّدٌ في المماكَسةِ، لكنْ ظنَّ أنَّ هذه قِيمتُه في الأسواقِ، فأخَذَ المسجِّلَ، ثمَّ لمَّا عرَضَه على إخوانِه، قالوا: هذا يُباعُ في السُّوقِ بثَمانينَ رِيالًا، فغُبِنَ بمائةٍ وعِشرين، فرَجَعَ إلى الرَّجلِ، وقال له: هذا بثَمانينَ رِيالًا، فعلى كَلامِ المؤلِّفِ لا خِيارَ له؛ لأنَّه يُحسِنُ المماكَسةَ ويَقدِرُ أنْ يُحاطَّه في الثَّمنِ حتَّى يَصِلَ إلى الثَّمانينَ، ولكنَّ الصَّحيحَ: أنَّ له الخِيارَ؛ لجَهْلِه بالقيمةِ، ولتَغريرِ البائعِ به، فلا يَنْبغي إلَّا أنْ نُعامِلَ البائعَ بنَقيضِ قصْدِه لَمَّا غرَّه، ونقولَ: له الخيارُ. فإذا قال: هذا الرَّجلُ يَعرِفُ البَيْعَ والشِّراءَ، لِماذا لمْ يُماكِسْني؟ نقولُ: جَزاهُ اللهُ خيرًا؛ وَثِقَ بك، ولسْتَ أهلًا للثِّقةِ، والآنَ له الخيارُ) ((الشرح الممتع)) (8/ 301). وقال: (الصَّحيحُ: أنَّ كُلَّ مَن جَهِلَ القيمةَ، فإنَّ له الخيارَ) ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (3/582).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَلقَّوُا الجَلَبَ، فمَن تَلقَّاه فاشْتَرى منه، فإذا أتى السُّوقَ فهو بالخِيارِ )) أخرجه مسلم (1519).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ البائعَ قبْلَ أنْ يَنزِلَ السُّوقَ يكونُ جاهلًا بقِيمةِ السِّلعِ، فنَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أنْ يَخرُجَ المُشْتري إليه ويَبتاعَ منه؛ لِما في ذلك مِن تَغريرِه والتَّدليسِ، وأثبَتَ له الخِيارَ إذا عَلِمَ بحَقيقةِ الحالِ، وهكذا كُلُّ مَن كان جاهِلًا بالقِيمةِ يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (29/359).
ثانيًا: أنَّ الشَّارعَ أثبَتَ الخِيارَ في حالةِ تَلقِّي الرُّكبانِ، والعِلَّةُ هي الغَبْنُ، وهي تَتعدَّى لكلِّ ما وُجِدَ فيه غَبْنٌ يُنظر: ((الفتاوى السعدية)) لعبد الرحمن السعدي (ص: 284).
ثالثًا: لجَهْلِ المُشْتري بالقِيمةِ، ولتَغريرِ البائعِ له يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (8/ 301).

انظر أيضا: