الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الخامِسُ: حُكْمُ ظُهوِر عدَمِ الصِّدقِ في بَيْعِ التَّولِيةِ كأنْ يقولَ البائعُ: اشتَرَيتُ السِّلعةَ بعِشرين، ثمَّ يَتبيَّنَ للمُشْتري أنَّ البائعَ كان اشْتَراها بعَشَرةٍ


الفَرْعُ الأوَّلُ: حُكْمُ ظُهورِ عدَمِ الصِّدقِ في قدْرِ الثَّمَنِ في بَيْعِ التَّولِيةِ
إذا لم يَصدُقِ البائعُ في قدْرِ الثَّمَنِ في بَيْعِ التَّولِيةِ، فللمُشْتري الخِيارُ بيْن الإمساكِ والرَّدِّ، وهو قَوْلٌ لمحمَّدِ بنِ الحسَنِ ((الهداية)) للمَرْغِيناني (3/57)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/226). ، ومُقابِلُ الأظهَرِ عندَ الشَّافِعيَّةِ ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/528، 535)، وينظر: ((بحر المَذهَب)) للرُّوياني (4/572). ؛ وذلك لأنَّ المُشْتريَ لم يَرْضَ بلُزومِ العقْدِ إلَّا بالقدْرِ المسمَّى مِن الثَّمَنِ، فلا يَلزَمُ بدُونِه، ويَثبُتُ له الخِيارُ؛ لفَواتِ السَّلامةِ عن الخِيانةِ، كما يَثبُتُ الخِيارُ بفَواتِ السَّلامةِ عن العَيبِ إذا وَجَد المَبيعَ مَعيبًا يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/226).
الفَرْعُ الثَّاني: حُكْمُ ظُهورِ عدَمِ الصِّدقِ في صِفةِ الثَّمَنِ في بَيْعِ التَّولِيةِ بأنِ اشْترى شَيئًا نَسِيئةً، ثمَّ باعَه تَولِيةً على الثَّمَنِ الأوَّلِ، ولم يُبيِّنْ أنَّه اشْتراه نَسِيئةً. يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/225).
إذا لم يَصدُقِ البائعُ في صِفةِ الثَّمَنِ في بَيْعِ التَّولِيةِ، فللمُشْتري الخِيارُ بيْن الإمساكِ والرَّدِّ، وهو مَذْهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ ((تبيين الحقائق)) للزَّيلعي (4/78، 79)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/225). ، والمالِكيَّةِ نصَّ المالكيَّةُ على بَيْعِ المُرابَحةِ، وأنَّ التَّولِيةَ والمُرابَحةَ أحكامُهما مُتشابِهةٌ. ((حاشية الدسوقي)) (3/165، 169، 170)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (5/179). ، والشَّافِعيَّةِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/79). ، وقوْلٌ عندَ الحَنابِلةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/444)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/317).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ التَّولِيةَ عقْدٌ بُنِيَ على الأمانةِ؛ لأنَّ المُشْتريَ اعتمَدَ البائعَ وائْتَمَنه في الخبَرِ عن الثَّمَنِ الأوَّلِ، فكانت الأمانةُ مَطلوبةً في هذا العقْدِ، فكانت صِيانتُه عن عدَمِ الصِّدقِ مَشروطةً دَلالةً؛ ففَواتُها يُوجِبُ الخِيارَ كفَواتِ السَّلامةِ عن العَيبِ يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/225)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيلعي (4/78).
ثانيًا: لأنَّ للأجَلِ حِصَّةً مِن الثَّمَنِ، ويَختلِفُ به قُربًا وبُعدًا يُنظر: ((شرح الزرقاني)) (5/315).
ثالِثًا: لأنَّه إذا أخَذَه بالثَّمَنِ مُؤجَّلًا، فهو سَلَفٌ جَرَّ مَنفعةً، وهو رِبًا يُنظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جُزَيٍّ (ص 174)، ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/438).

انظر أيضا: