الموسوعة الفقهية

المَبْحَثُ السَّابعُ: الحِيَلُ في البَيْعِ


لا تجوزُ الحِيَلُ المحَرَّمةُ في البَيْعِ الحِيَلُ المُحَرَّمةُ في البَيعِ: هيَ أن يُتَوَصَّلَ إلَى إسقاطِ الواجِبِ أو فِعلِ مُحرَّمٍ بِطُرُقٍ خَفيَّةٍ ظاهرُها الإباحةُ وحَقيقَتُها التَّحريمُ. ينظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/43)، ((منظومة أصول الفقه وقواعده)) لابن عثيمين (ص: 230). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ ((البناية)) للعيني (11/387)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/216)، ((رد المحتار)) لابن عابدين (5/265) و (6/147). ، والمالِكيَّةِ ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/393)، وينظر: ((التلقين)) للمازري (2/320). ، والشَّافِعيَّةِ أبطَلَ الشَّافِعيَّةُ الحيلةَ في إسقاطِ حَقِّ الشُّفعةِ بعدَ وُجوبِها. ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/302)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/257). ، والحَنابِلةِ ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/334)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/101). ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ قال ابنُ قُدامةَ: (قال أحمَدُ في رِوايةِ إسماعيلَ بنِ سَعيدٍ، وقَد سَألَه عَنِ الحِيلةِ في إبطالِ الشُّفعةِ، فقال: لا يَجوزُ شَيءٌ مِنَ الحِيَلِ في ذلك، ولا في إبطالِ حَقِّ مُسلِمٍ. وبِهَذا قال أبو أيوبَ، وأبو خَيثَمةَ، وابنُ أبي شَيبةَ، وأبو إسحاقَ الجوزجانيُّ. وقال عَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ: مَن يَخدَعِ اللهَ يَخدَعْه. وقال أيوبُ السَّختيانيُّ: إنَّهم ليُخادِعونَ اللهَ كما يُخادِعونَ صَبيًّا، لَو كانوا يَأتونَ الأمرَ على وَجْهِه كانَ أسهَلَ عَليَّ) ((المغني)) (5/262).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ معنى التعاوُنِ على الإثمِ والعُدوانِ مُتحَقِّقٌ في الاحتيالِ على إبطالِ حَقٍّ أو إحقاقِ باطِلٍ ((المبسوط)) للسرخسي (30/181).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1 - عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَرتَكِبوا ما ارتَكَبَتِ اليَهودُ، فتَستَحِلُّوا مَحارِمَ اللهِ بأدنى الحِيَلِ)) أخرجه ابن بطة في ((إبطال الحيل)) (ص47). حسَّن إسنادَه ابن تيميَّةَ في ((القواعد النورانية)) (174)، والسخاوي في ((الأجوبة المرضية)) (1/214)، وجَوَّد إسناده ابن القيم في ((إغاثة اللهفان)) (1/513)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (1/154)، والألباني في ((آداب الزفاف)) (120)، وصَحَّح الحديثَ ابنُ باز في ((مجموع الفتاوى)) (19/230).
2 - عن أبي هُرَيرةَ قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((قاتَلَ اللهُ اليَهودَ؛ حُرِّمَ عليهمُ الشَّحمُ فباعوه وأَكَلوا ثَمَنَه )) أخرجه البخاري (2224)، ومسلم (1583) واللَّفظُ له
ثانيًا: لأنَّ اللهَ تعالى عَذَّب أمَّةً بحِيلةٍ احتالوها، فمَسخَهم قِردةً، وسَمَّاهم مُعتَدِينَ، وجَعلَ ذلك نَكالًا ومَوعِظةً للمُتَّقينَ؛ ليَتَّعِظوا بهم، ويَمتَنِعوا مِن مِثلِ أفعالِهم. وقال بَعضُ المُفَسِّرينَ في قَولِه تعالى: وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 66] ، أي: لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((المغني)) لابن قدامة (4/43).
ثالِثًا: لأنَّه تعالى إنَّما حَرَّم المُحَرَّماتِ لمَفسَدَتِها وضَررِها، ولا يَزولُ ذلك مع بَقاءِ مَعناها، وإن جَرى التَّعامُلُ بها صَحيحةً في الظَّاهِرِ مَعَ وُجودِ الحِيلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/76).

انظر أيضا: