الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: حُكْمُ تلقِّي الرُّكبانِ (بَيْعِ الجَلَبِ)


يَحْرُمُ تلقِّي الرُّكبانِ ويَصِحُّ البَيْعُ مَعَ ثُبوتِ الخيارِ لِلبائِعِ إذا غُبنَ غَبنًا يَخرُجُ عَنِ العادةِ، وهوَ مَذْهَبُ الشَّافِعيَّةِ والحَنابِلةِ. ينظر: ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/415)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/211). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّةِ ((العناية)) للبابرتي (6/478، 479)، ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق للزيلعي)) (4/68) ((حاشية ابن عابدين)) (5/101). ، والمالِكيَّةِ ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/252)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (3/70)، ((منح الجليل)) لعليش (5/63). ، والشَّافِعيَّةِ ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/415)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/311). ، والحَنابِلةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/416)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/286)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/211).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1 - عن أبي هُرَيرةَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ لِبَيْعٍ، ولا يَبِعْ بَعْضُكم على بَيْعِ بَعضٍ، ولا تَناجَشُوا، ولا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبادٍ، ولا تُصَرُّوا الإبِلَ والغَنَمَ، فمَنِ ابْتَاعَها بَعْدَ ذلك فهو بِخَيْرِ النَّظَرَينِ بَعدَ أن يَحلُبَها، فإن رَضِيَها أمسَكَها، وإن سَخِطَها رَدَّها وصَاعًا مِن تَمرٍ )) أخرجه البخاري (2148)، ومسلم (1515) واللَّفظُ له
2 - عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَلَقَّوا الجَلَبَ، فمَن تَلَقَّاهُ فاشتَرى مِنهُ، فإذا أتى سَيِّدُهُ السُّوقَ، فهو بالخِيارِ )) أخرجه مسلم (1519).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أمَّا التَّحريمُ فيَدُلُّ عليه ظاهِرُ النَّهيِ، وأمَّا الصِّحَّةُ فلِأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أثبَتَ له الخِيارَ، والخيارُ لا يَكونُ إلَّا في عَقْدٍ صَحيحٍ ((المغني)) لابن قدامة (4/165). ، ولأنَّ النَّهيَ لا لِمَعنًى في البَيعِ، بَل يَعودُ إلى ضَربٍ مِنَ الخَديعةِ يُمكِنُ استِدراكُها بإثباتِ الخيارِ، فأشبَهَ بَيعَ المُصَرَّاةِ ((المغني)) لابن قدامة (4/165).
3 - عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهُما قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَلَقَّوُا الرُّكبانَ، ولا يَبِعْ حاضِرٌ لبادٍ، قال: فقَلتُ لابنِ عَبَّاسٍ: ما قَولُه: لا يَبيعُ حاضِرٌ لبادٍ؟ قال: لا يَكونُ لهُ سِمسارًا )) أخرجه البخاري (2158) واللَّفظُ له، ومسلم (1521).
ثانيًا: لأنَّ في تَلَقِّي الرُّكبانِ احتِمالَ غَبْنِهم في السِّعرِ ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/312).
ثالِثًا: لأنَّه يُخشى أن يَحبِسَ المُشتَري ما يَشتَريه مِنهم فيُضَيِّقَ على أهلِ البَلَدِ ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/312). وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/165).

انظر أيضا: