الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: حُكْمُ النَّجْشِ


يَحْرُمُ النَّجْشُ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1 - عن نافِعٍ عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: ((نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ النَّجْشِ )) أخرجه البخاري (2142) واللَّفظُ له، ومسلم (1516).
2 - عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنهُ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَبيعُ حاضِرٌ لبادٍ، ولا تَناجَشوا [1198] قال ابنُ رَجَبٍ: (يُحتَمَلُ أن يُفَسَّرَ التَّناجُشُ المَنهيُّ عَنه في هَذا الحَديثِ بِما هوَ أعَمُّ مِن ذلك؛ فإنَّ أصلَ النَّجْشِ في اللُّغةِ: إثارةُ الشَّيءِ بِالمَكْرِ والحيلةِ والمُخادَعةِ، ومِنه سُمِّيَ النَّاجِشُ في البَيعِ ناجِشًا، ويُسَمَّى الصَّائِدُ في اللُّغةِ ناجِشًا؛ لِأنَّه يُثيرُ الصَّيدَ بِحيلَتِه عليه وخِداعِه له، وحينَئِذٍ فيَكونُ المَعنَى: لا تَتَخادَعوا، ولا يُعامِلْ بعضُكُم بعضًا بِالمَكْرِ والِاحتيالِ. وإنَّما يُرادُ بِالمَكْرِ والمُخادَعةِ إيصالُ الأذَى إلَى المُسلِمِ: إمَّا بِطَريقِ الأصالةِ، وإمَّا اجتِلابِ نَفعِه بِذلك، ويَلزَمُ مِنه وُصولُ الضَّرَرِ إلَيه ودُخولُه عليه،... فيَدخُلُ على هَذا التَّقديرِ في التَّناجُشِ المَنهيِّ عَنه جَميعُ أنواعِ المُعامَلاتِ بِالغِشِّ ونَحوِه؛ كتَدليسِ العُيوبِ وكِتْمانِها، وغِشِّ المَبيعِ الجَيِّدِ بِالرَّديءِ، وغَبْنِ المُستَرسِلِ الَّذي لا يَعرِفُ المُماكَسةَ). ((جامع العلوم والحكم)) (2/ 264). ..)) أخرجه البخاري (2723) واللَّفظُ له، ومسلم (1413).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجْماعَ على ذلك: ابنُ بطَّالٍ قال ابنُ بَطَّالٍ: (أجمَعَ العُلَماءُ أنَّ النَّاجِشَ عاصٍ بِفِعلِه) ((شرح صحيح البخاري)) (6/270). ، وابنُ عَبدِ البَرِّ قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أمَّا النَّجْشُ فلا أعلَمُ بينَ أهلِ العِلمِ اختِلافًا في أنَّ مَعناه أن يُعطيَ الرَّجُلُ الَّذي قَد دَسَّه البائِعُ وأمرَه في السِّلعةِ عَطاءً لا يُريدُ شِراءَها بِه فوقَ ثَمنِها ليَغتَرَّ المُشتَري فيَرغَبَ فيها، أو يَمدَحُها بِما لَيسَ فيها فيُغتَرُّ المُشتَري حَتَّى يَزيدَ فيها، أو يَفعَلُ ذلك بِنَفسِه ليَغُرَّ النَّاسَ في سِلعَتِه وهوَ لا يُعرَفُ أنَّه رَبُّها، وهَذا مَعنَى النَّجْشِ عِندَ أهْلِ العِلمِ، وإن كانَ لَفظي رُبَّما خالَفَ شَيئًا مِن ألفاظِهم فإن كانَ ذلك فإنَّه غَيرُ مُخالِفٍ لِشَيءٍ مِن مَعانيهم، وهَذا مِن فِعلِ فاعِلِه مَكْرٌ وخِداعٌ لا يَجوزُ عِندَ أحَدٍ مِن أهلِ العِلمِ؛ لِنَهيِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ النَّجْشِ، وقَولِه: "لا تَناجَشوا"، وأجمَعوا أنَّ فاعِلَه عاصٍ للهِ إذا كانَ بِالنَّهيِ عالِمًا) ((التمهيد)) (13/348). ، والنَّوَويُّ قال النَّوَويُّ: (أمَّا النَّجْشُ فبنونٍ مَفتوحةٍ ثُمَّ جيمٍ ساكِنةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعجَمةٍ، وهوَ أن يَزيدَ في ثَمَنِ السِّلعةِ لا لِرَغبةٍ فيها، بل ليَخدَعَ غَيرَه ويَغُرَّه ليَزيدَ ويَشتَريها، وهَذا حَرامٌ بِالإجماعِ) ((شرح صحيح مسلم)) (10/159).

انظر أيضا: