الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: بيعُ الحَيَوانِ واستِثناءُ الحَملِ


اختَلَفَ العُلَماءُ في حُكمِ بَيعِ الحَيَوانِ واستِثناءِ الحَملِ على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: لا يَصِحُّ بَيْعُ الحَيوانِ واستثناءُ الحَمْلِ البَيعُ فاسِدٌ في مُعتَمَدِ المَذاهبِ الأربَعةِ، غَيرَ ما ذَكَرَه بعضُ المالكيَّةِ مِن بُطلانِ الِاستِثناءِ مَعَ صِحَّةِ البَيعِ. ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ ((تبيين الحقائق)) للزَّيلعي (4/58)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/92). ، والمالِكيَّةِ وعند بَعضِ المالِكيَّةِ أنَّ الاستثناءَ باطِلٌ، والبَيعَ صَحيحٌ. ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (4/376) ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/245)، ((المعونة على مذهب عالم المدينة)) (1012). ، والأصَحُّ عِندَ الشَّافِعيَّةِ ((فتح العزيز)) للرَّافعي (8/206)، ((المجموع)) للنووي (9/324). ، والحَنابِلةِ ((الإنصاف)) للمراداوي (4/222)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/172).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ قال: ((نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ المُحاقَلةِ والمُزابَنةِ والمُعاوَمةِ والمُخابَرةِ -قال أحَدُهُما: بيعُ السِّنينَ هيَ المُعاوَمةُ-، وعنِ الثُّنْيا، ورَخَّصَ في العَرايَا )) أخرجه من طُرُقٍ: البخاري (2381)، ومسلم (1536) واللَّفظُ له.
وجهُ الدَّلالةِ مِنَ الحَديثِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عنِ الثُّنْيا، وهيَ: أن يَبيعَ شَيئًا، ويَستَثنيَ بَعضَه، فنَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك، ولِأنَّ الحَملَ مَجهولُ الصِّفةِ، ولا تُعلَمُ حَياتُه، وقد يُولَدُ وقد لا يُولَدُ، وقد يَخرُجُ ذَكَرًا وقد يَخرُجُ أُنثى، وقد يَخرُجُ واحِدًا، وقد يَخرُجُ تَوأَمًا ينظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (5/315).
ثانيًا: لأنَّ ما لا يَصِحُّ إفرادُه بالعَقْدِ لا يَصِحُّ استِثناؤُه مِنه، والحَملُ لا يَجوزُ إفرادُه بالبَيعِ، فكَذا استِثناؤُه ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/58).
القَولُ الثَّاني: يَصِحُّ بَيْعُ الحَيوانِ واستِثناءُ الحَمْلِ، وهو وَجْهٌ عِندَ الشَّافِعيَّةِ ((فتح العزيز)) للرَّافعي (8/206)، ((المجموع)) للنووي (9/324). ، وروايةٌ عن أحمَدَ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/371)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/222). ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابنُ حَزْمٍ: (أجَزْنا بَيْعَ الحامِلِ دونَ حَملِها) ((المحلى)) (7/300). ، وابنُ عُثَيمين قال ابنُ عُثَيمين: (أنَّ بَيْعَ الحامِلِ مَعَ استِثناءِ حَملِها على المَذهَبِ لا يَصِحُّ، وبِناءً على ما رَجَّحْناه مِن أنَّ الإنسانَ إذا باعَ حامِلًا واستَثنَى الحَملِ فالبَيعُ صَحيحٌ، فإنَّه يَصِحُّ هُنا) ((الشرح الممتع)) ((8/179).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
عُمومُ قَولِه تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة: 275]
ثانيًا: لأنَّ الحَمْلَ يُزايَلُ مِنَ الحَيَوانِ بغَيرِ مُثلةٍ ولا تَعذيبٍ، والحَملُ مالٌ للبائِعِ، والمالُ لبائِعِه يَبيعُ مِنهُ ما شاءَ ويُمسِكُ ما شاءَ ((المحلى)) لابن حزم (7/300).

انظر أيضا: