الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: بَيْعُ المَجنونِ


لا يَصِحُّ بَيْعُ المَجْنونِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثٍ: عن النَّائِمِ حتى يَستيقِظَ، وعن الصَّغيرِ حتى يَكبَرَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ أو يُفيقَ )) أخرجه النَّسائي (3432) واللَّفظُ له، وابنُ ماجه (2041)، وأحمد (24694). قال البخاري كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (225): أرجو أن يكونَ محفوظًا. وصحَّحه الحاكِمُ وقال: على شرطِ مسلمٍ. وابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/392)، وقال ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/89): إسنادُه على شرطِ مسلمٍ. وقال ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (12/124): له شاهِدٌ وله طُرُقٌ يقوِّي بعضُها بعضًا. وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (3432)، وجوَّد إسناده شُعيبُ الأرناؤوط في ((تخريج المسند)) (24694). وللحديث شاهدٌ مِن حديثِ عليٍّ رَضِيَ الله عنه أخرجه الترمذي (1423) بلفظ: (المعتوه حتى يَعقِلَ)، وأخرجه أحمد (956)، والنَّسائي في ((السنن الكبرى)) (7346) على الشَّكِّ: (المعتوه أو المجنون حتى يَعقِلَ). حسَّنه البخاري كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (226)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (2/197)، وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1423)، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في ((تخريج المسند)) (1183 ).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجْماعَ على ذلك: الماوَرْدِيُّ قال الماوردي: (أمَّا المجنونُ فشِراؤه باطِلٌ ولا يقِفُ على إجازةِ الوَليِّ إجماعًا) ((الحاوي الكبير)) (5/368). ، وابنُ حَزمٍ قال ابنُ حزم: (اتَّفَقوا أنَّ بَيْعَ الذي لُبِّسَ في عقلِه بغيرِ السُّكرِ باطِلٌ، وكذلك ابتياعُه) ((مراتب الإجماع)) (ص: 84). ، وابنُ العَرَبيِّ قال ابنُ العربي: (فأمَّا شَرطُ العَقلِ فلأنَّ المجنونَ ليس له قولٌ حِسًّا ولا شرعًا باتفاقٍ من العُلَماء) ((القبس في شرح موطأ مالك بن أنس)) (ص: 776). وابنُ القَطَّانِ قال ابنُ القطان: (اتَّفَقوا أنَّ بَيْعَ الذي (أصيبَ) في عَقْلِه بغيرِ السُّكرِ باطِلٌ، وكذلك ابتياعُه) ((الإقناع)) (2/211). ، والنَّوَويُّ قال النوويُّ: (أما المجنونُ فلا يصِحُّ بيعُه بالإجماعِ، وكذلك المُغمى عليه) ((المجموع)) (9/155). ، وابنُ تَيمِيَّةَ قال ابنُ تيميَّةَ: (أمَّا المَجنونُ الَّذي رُفِعَ عَنه القَلَمُ فلا يَصِحُّ شَيءٌ مِن عِباداتِه باتِّفاقِ العُلَماءِ. ولا يَصِحُّ مِنه إيمانٌ ولا كُفرٌ ولا صَلاةٌ ولا غَيرُ ذلك مِنَ العِباداتِ، بَل لا يَصلُحُ هوَ عِندَ عامَّةِ العُقلاءِ لِأمورِ الدُّنيا كالتِّجارةِ والصِّناعةِ، فلا يَصلُحُ أن يَكونَ بزَّازًا ولا عَطَّارًا ولا حَدَّادًا ولا نَجَّارًا، ولا تَصِحُّ عُقودُه باتِّفاقِ العُلَماءِ. فلا يَصِحُّ بَيعُه ولا شِراؤُه) ((مجموع الفتاوى)) (11/192).
ثالثًا: لأنَّه تَصرُّفٌ في المالِ فلَم يُفَوَّضْ إلى المَجنونِ كحِفظِ المالِ ((المجموع)) للنووي (9/ 156).

انظر أيضا: