الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الرَّابِعُ: عَدَمُ الحَلِفِ في البَيعِ


يُكْرَهُ أن يُنَفِّقَ سِلْعَتَه بالحَلِفِ في البَيعِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1 - عنِ ابنِ شَهابٍ قال ابنُ المُسَيِّبِ: إنَّ أبا هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنه قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((الحَلِفُ مَنْفَقةٌ للسِّلْعةِ، مَمحَقَةٌ للبَرَكةِ )) أخرجه البخاري (2087) واللَّفظُ له، ومسلم (1606).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
تَصريحُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّ كَثرةَ الحَلفِ سَبيلٌ لهَلاكِ المالِ، وسَبَبٌ لذَهابِ بَرَكةِ المَكسوبِ؛ إمَّا بتَلَفٍ يَلحَقُه في مالِه، أو بإنفاذِه في غَيرِ ما يَعودُ نَفعُه إليه في العاجِلِ، أو ثَوابُه في الآجِلِ، أو بَقِيَ عِندَهُ وحُرِمَ نَفْعَه، أو وَرِثَه مَن لا يَحمَدُه ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (5/ 1909).
2- عن أبي قَتادةَ الأنصاريِّ أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((إيَّاكُم وكَثرةَ الحَلِفِ في البَيعِ؛ يُنْفِقُ ثمَّ يَمْحَقُ يُنْفِقُ: بضَمِّ الياءِ وسُكونِ النُّونِ وتَخفيفِ الفاءِ، أي: يُروِّجُ المَتاعَ ويُكثِّرُ الرَّغَباتِ فيه. (ثُمَّ يَمحَقُ): بفَتحٍ فسُكونٍ ففَتحٍ، أي: يُذهِبُ البَركةَ، وثُمَّ لِلتَّراخي في الزَّمانِ، أي: يُنفِقُ حالًا ويَمحَقُ مَآلًا. ينظر: ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (5/ 1909). )) أخرجه مسلم (1607).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ تَصريحٌ بالمَنعِ: ((إيَّاكُم والحَلِفَ))، وقد بوَّبَ المُحَدِّثونَ عليه بكَراهةِ الحَلفِ في البُيوعِ بوب أبو داود في سننه (3/ 245): باب في كراهية اليمين في البيع، وقال البيهقي ((في السنن الكبرى)) (5/ 265): باب كراهية اليمين في البيع، وفي ((السنن الصغير)) للبيهقي (2/ 239): بَابُ كَرَاهِيةِ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَتَحْرِيمِ الْكَذِبِ فِيهِ، وبوَّب النووي في ((شرح مسلم)) رقم (1607) في المساقاة، باب النَّهيِ عن الحَلِفِ في البَيعِ.
ثانيًا: لأنَّ في ذلك تَرويجًا للسِّلعةِ، وتَرغيبًا فيها بكَثرةِ الحَلفِ، وقد قال اللهُ تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ آل عمران: 77، ولعُمومِ قَولِ اللهِ تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ المائدة: 89، وقَولِه تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ البقرة: 224 ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (13/9).
ثالِثًا: لأنَّ الإكثارَ يَقودُ إلى الكَذِبِ في الحَلفِ -وهو مُحرَّمٌ- فكُرِهَ سَدًّا للذَّريعةِ ((الفتاوى الحديثية)) لابن حجر الهيتمي (ص: 103).

انظر أيضا: