الموسوعة الفقهية

المطلبُ السَّادسُ: هِبةُ المعدومِ


تَصِحُّ هِبةُ المَعدومِ إذا كان وُجودُه مُتوقَّعًا؛ كهِبةِ ثَمرِ شَجَرِه، وما تَلِدُ أغنامُه في العامِ القادمِ، وهو مذهبُ المالِكيَّةِ [228] ((المدونة)) للإمام مالك (4/401)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (2/329)، ((الذخيرة)) للقَرافي (6/243). ، واختِيارُ ابنِ تَيميَّةَ [229] قال ابنُ تَيميَّةَ: (تَنازَعَ العلماءُ في هِبةِ المجهولِ؛ فجوَّزه مالكٌ، حتى جوَّز أنْ يهَبَ غيرَه ما وَرِثَه مِن فُلانٍ وإنْ لم يَعلَمْ قدْرَه، وإنْ لم يَعلَمْ أثُلُثٌ هو أم رُبعٌ، وكذلك إذا وَهَبَه حِصَّةً مِن دارٍ ولا يَعلَمُ ما هو، وكذلك يجوزُ هِبةُ المعدومِ؛ كأنْ يَهَبَه ثمرَ شَجرِه هذا العامَ أو عَشَرةَ أعوامٍ، ولم يُجوِّزْ ذلك الشافعيُّ، وكذلك المعروفُ في مَذهبِ أبي حَنيفةَ وأحمدَ المنعُ مِن ذلك... ومذهبُ مالكٍ في هذا أرجَحُ). ((مجموع الفتاوى)) (31/270). وقال المَرْداويُّ: (قال في الفروعِ: ويَتوجَّهُ مِن هذا القولِ جَوازُ هِبةِ المعدومِ وغيرِه. قلتُ: اختار الشيخُ تقيُّ الدِّين -رَحِمه اللهُ- صِحَّةَ هِبةِ المعدومِ؛ كالثَّمرِ واللَّبنِ بالسَّنةِ). ((الإنصاف)) (7/101). ويُنظر: ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/434). ، وابنِ القيِّمِ [230] قال ابنُ القيِّمِ: (المعدومُ الذي هو غرَرٌ نُهِيَ عنه للغرَرِ لا للعدَمِ، كما إذا باعَهُ ما تَحمِلُ هذه الأَمَةُ أو هذه الشجرةُ؛ فالمبيعُ لا يُعرَفُ وُجودُه، ولا قدْرُه، ولا صِفتُه... بخِلافِ الوصيَّةِ؛ فإنَّها تَبرُّعٌ محضٌ، فلا غرَرَ في تَعلُّقِها بالموجودِ والمعدومِ، وما يُقدَرُ على تَسليمِه إليه وما لا يُقدَرُ، وطرْدُه الهِبةُ؛ إذ لا مَحذورَ في ذلك فيها، وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هِبةُ المُشاعِ المجهولِ في قولِه لصاحبِ كُبَّةِ الشَّعرِ حين أخَذَها مِن المغْنمِ، وسألَهُ أنْ يَهَبَها له، فقال: أمَّا ما كان لي ولِبَني عبدِ المُطَّلِبِ فهو لكَ). ((إعلام الموقعين)) (2/30). ، وابنِ عُثَيمينَ [231] قال ابنُ عُثيمينَ: (يجوزُ أنْ يَتبرَّعَ الإنسانُ بثمَرِ النخلِ قبْل بُدُوِّ صلاحِه؛ لأنَّ المنهيَّ عنه إنَّما هو البَيعُ، وأمَّا الهِبةُ والتبرُّعُ فإنَّ الموهوبَ له والمتبرِّعَ له إمَّا غانمٌ وإمَّا سالمٌ؛ إمَّا غانمٌ إنْ بقِيَ الثمَرُ وصلَحَ، وإلَّا سالمٌ، فليس فيه غرَرٌ ولا جَهالةٌ ولا مَيسرٌ). ((الشرح الممتع)) (9/33). ؛ وذلك لأنَّ الهِبةَ تَبرُّعٌ مَحضٌ، فلا غَرَرَ في تَعلُّقِها بالمَوجودِ والمَعدومِ [232] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/30). ويُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رُشْد (4/114).

انظر أيضا: