الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثَّالثُ: مَن وَهَب في مرَضِ موتِه فقَتَله الموهوبُ له


اختلَفَ العُلماءُ في صحَّةِ هِبةِ مَن وَهَب في مرَضِ موتِه، فقَتَله الموهوبُ له؛ على قَولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: تصِحُّ الهِبةُ وتَكونُ منَ الثُّلُثِ، وهو مَذهبُ المالِكيَّةِ [148] ((الذخيرة)) للقَرافي (7/92)، ((التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب)) لخليل بن إسحاق (8/490)، ((الجامع لمسائل المدونة)) لابن يونس (19/762). ، وقَولٌ للشَّافعيَّةِ [149] ((الحاوي)) للماوَرْدي (8/191)، ((بحر المذهب)) للروياني (8/9). ، وبعضِ الحَنابِلةِ [150] ((المغني)) لابن قُدامة (6/224)، ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (6/34).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ قَتْلَه أضرَّ به؛ لأنَّه لو عاشَ كانتْ مِن رأسِ مالِه، وهي بعْدَ قتْلِه مِن ثُلُثِه [151] ((التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب)) لخليل بن إسحاق (8/490)، ((الجامع لمسائل المدونة)) لابن يونس (19/762).
ثانيًا: لأنَّ فِعلَه في الصِّحَّةِ يَمنَعُ مِن إجرائِه مُجرَى الوصيَّةِ [152] ((بحر المذهب)) للرُّوياني (8/9).
القولُ الثَّاني: تَبطُلُ الهِبةُ، وتُرَدُّ إلى الوَرثةِ؛ سواءٌ كان القتْلُ عمدًا أو خطأً، وهو مذهبُ الحَنفيَّةِ [153] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (12/182، 183)، ((الفتاوى الهندية)) (4/400).
وذلك للآتي:
أولًا: لأنَّ الهِبةَ في المرضِ في حُكمِ التَّنفيذِ مُعتبَرٌ بالوَصيَّةِ؛ ولهذا يَنفُذُ مِنَ الثُّلُثِ بعدَ الدَّينِ، ولا وَصيَّةَ للقاتِلِ عندَ عدَمِ إجازةِ الورثةِ، فكذلك الهِبةُ في المرضِ [154] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (12/182، 183).
ثانيًا: لأنَّ بُطلانَ الوَصيَّةِ للقاتلِ لدفْعِ المُعاضَلةِ عنِ الوَرثةِ؛ حتَّى لا يُزاحِمَهُم قاتلُ أبيهِم في مالِ أبيهِم، وهذا المعنَى مَوجودٌ فيما وَهَبه في مرَضِه [155] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (12/183).

انظر أيضا: