الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّاني: الاستنجاءُ عند دخولِ وقت كلِّ صلاةٍ


لا يلزَمُ المُستحاضةَ أن تستنجِيَ لكلِّ صلاةٍ، وهو مذهَبُ المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/205)، ((حاشية العدوي)) (1/136). ، وقولٌ للشافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/112). ، وروايةٌ عن أحمدَ ((فتح الباري)) لابن رجب (1/446). ، واختاره ابنُ رجب قال ابن رجب: (وكذلك اختلفوا؛ هل يجِبُ عليها غَسلُ الدَّم والتحفُّظ والتلجُّم عند كلِّ صلاةٍ؟ فيه قولان: هما روايتان عن أحمد، وربَّما يَرجِع هذا الاختلاف إلى الاختلاف المشهور: في أنَّ الأمرَ المطلَق: هل يقتضي التَّكرارَ أم لا؟ وفيه اختلافٌ مشهور، لكنَّ الأصحَّ هنا أنَّه لا يقتضي التَّكرارَ لكلِّ صلاة؛ فإنَّ الأمر بالاغتسالِ وغَسلِ الدَّم، إنَّما معلَّقٌ بانقضاءِ الحَيضة وإدبارِها، فإذا قيل: إنَّه يَقتضي التَّكرارَ، فالجواب أنَّه لم يقتضِه إلَّا عند إدبارِ كلِّ حيضةٍ فقط). ((فتح الباري)) (1/446). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (كلُّ ما خرج من البدن لا ينقُضُ الوضوءَ، إلَّا البولَ والغائِطَ، أمَّا الدَّمُ والقيء والقيح، وما يُسمِّيه النِّساءُ بالطُّهرِ الذي يسيل من فرْج المرأة دائمًا، حتى إنَّ بعض العلماء قال: سلسُ البول، فلا ينقُضُ الوضوء أيضًا، إذا تطهَّر الإنسانُ أوَّل مرَّة فإنَّه لا ينتقِضُ وضوءُه ما لم يُحدِث بحدثٍ آخَر؛ وعُلِّل ذلك بأنَّه لا يستفيدُ من الوضوء؛ إذ إنَّ الحدَثَ دائِمٌ، فلا فائدةَ من الوضوءِ. نعَمْ، لو انتقض وضوءُه من رِيح مثلًا وفيه سلَسُ بولٍ، فهنا يجب أن يتوضَّأَ، وهذا القَولُ ليس ببعيدٍ من الصَّواب، وكنت بالأوَّلِ أرى أنَّه ينقُضُ الوضوءَ، وأنَّه لا يجوزُ أن يتوضَّأ الإنسانُ للصَّلاة إلَّا بعد دخولِ وَقتِها، لكن بعد أن راجعتُ كلامَ العُلَماء واختلافَهم، وقوَّة تعليلِ مَن علَّل بأنَّ هذا الوضوءَ لا فائدةَ منه؛ إذ إنَّ الحَدَث دائمٌ، تراجعتُ عن قولي الأوَّلِ، وهذا القولُ أرفَقُ بالنَّاسِ بلا شكٍّ، ولا سيَّما بالنِّسبةِ للنِّساءِ اللاتي يخرُجُ منهنَّ هذا السَّائلُ الدَّائِمُ، ولا سيَّما في أيَّامِ الحجِّ والعمرة، عندما تذهبُ المرأةُ مثلًا إلى المسجِد مِن بعد المغربِ؛ لتصلِّي صلاةَ العِشاء، إذا قلنا بانتقاضِ الوضوءِ، يعني لا بدَّ أن تبتدئَ الوضوءَ بعد دخولِ الوقتِ، فصار في هذا مشقَّةٌ عظيمة، لا سيَّما في أيَّامِ الزِّحامِ، شيءٌ فيه مشقَّة على المسلمين، والدَّليلُ فيه ليس بواضحٍ، وقد قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ **البقرة: 185** وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ **الحج: 78**). ((لقاء الباب المفتوح)) (اللقاء رقم: 214).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه لا معنى للأمرِ بإزالةِ النَّجاسةِ مع استمرارِها ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/112).
ثانيًا: أنَّه سقط اعتبارُ حدَثِها لِمكان العُذرِ ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 99).
ثالثًا: دفعًا للحَرَج؛ لعدم إمكانِ التحرُّز منه ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 99)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/215).

انظر أيضا: