الموسوعة الفقهية

الفرعُ الأوَّلُ: إرثُ الوَصيَّةِ بالمَنفعةِ إذا قيَّدَها بحَياةِ المُوصَى له


لا تُورَثُ الوَصيَّةُ بالمَنفعةِ المُقيَّدةِ بحَياةِ المُوصَى له بعدَ وَفاتِه [455] كأن يُوصِيَ بسُكْنى دارٍ مُدَّةَ حياةِ الموصى له، فإذا مات الموصَى له فلا تُورَثُ عنه. ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [456] عمَّم الحنفيَّةُ عدَمَ انتِقالِ الموصى به للوارثِ، فدَخَلَ فيه المحدَّدُ بحياةِ الموصَى له ومُحدَّدُ المدَّةِ والمطْلَقُ. ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/533)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/203). ، والمالِكيَّةِ [457] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/386)، ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/448). ، والشَّافعيَّةِ [458] ((روضة الطالبين)) للنووي (6/187)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/83). ، والحَنابِلةِ [459] صرَّح الحنابلةُ بأنَّ مَن مات عن حقٍّ فهو لوَرثتِه، والموصَى له مدَّةَ حياتِه لا حقَّ له في الموصَى به بعْدَ وَفاتِه؛ فلا يُورَثُ عنه. ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/376)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (4/498، 499).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الوَصيَّةَ المُقيَّدةَ بالحياةِ إباحةٌ وليست تَمليكًا، فتَنتَهي الإباحةُ بانتِهاءِ حياةِ المُوصَى له [460] ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/83).
ثانيًا: لأنَّ المُوصِي إنَّما أوجَبَها برِضاهُ للمُوصَى له ولم يُوجِبْها لوَرَثتِه، فلو تَملَّكَها وَرثةُ المُوصَى له لَكانَ مِن غَيرِ رِضَا المُوصِي، وذلك لا يَجوزُ [461]  هذا دليلُ الحنفيَّةِ. ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/533).
ثالثًا: لأنَّ الوَصيَّةَ بالمَنفعةِ قد بَطَلت بمَوتِ المُوصَى له؛ لأنَّها تَمليكٌ للمَنفَعةِ بغيرِ عِوَضٍ كالإعارةِ، فتَبطُلُ بمَوتِ المالكِ إيَّاها كما تَبطُلُ الإعارةُ بمَوتِ المُستعيرِ [462]  ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/353).

انظر أيضا: