الموسوعة الفقهية

المطلبُ الخامسُ: الوصيَّةُ للأقاربِ غَيرِ الوارِثينَ


تَجوزُ الوصيَّةُ للأقاربِ غَيرِ الوارِثينَ في حُدودِ الثلُثِ.
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِنَ الكِتابِ
1- قال الله تَعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 180]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى كتَبَ الوصيَّةَ للوالدَينِ والأقربينَ، فخرَجَ منه الوارِثونَ بقَولِه: ((لا وصيَّةَ لوارثٍ )) [270] أخرجه أبو داود (2870)، والترمذيُّ (2120)، وابن ماجه (2713)، وأحمد (22294). حسَّنه الإمامُ أحمد، كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (286)، وقال الترمذي: (حسن صحيح). وحسَّنه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (24/439)، وابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (7/263)، وابن حجر في ((موافقة الخُبْرِ الخَبَرَ)) (2/315)، وصحَّحه الذهبيُّ في ((تنقيح التحقيق)) (2/157)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2713). ، وبَقِيَ سائرُ الأقارِبِ على الوصيَّةِ لهم [271] ((المغني)) لابن قُدامة (6/140).
2- قال اللهُ تَعالى: وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى [البقرة: 177]
3- قال اللهُ تَعالى: وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ [الإسراء: 26]
وَجْهُ الدَّلالةِ في الآيتَينِ:
أنَّ اللهَ تعالى بدَأَ بهم؛ لأنَّ أفضلَ الصَّدقةِ تكونُ فيهم، فكذلك بعْدَ الموتِ [272] ((المغني)) لابن قُدامة (6/140).
ثانيًا: مِن السُّنةِ
حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي طلحة في صدقة أمواله: ((... وإنِّي أرى أنْ تَجعَلَها في الأقربينَ )) فقال أبو طَلحةَ: أفعَلُ يا رسولَ اللهِ. فقَسَمَها أبو طلحةَ في أقاربِه، وبَني عمِّه [273] أخرجه البخاري (1461) واللفظُ له، ومسلم (998).
ثالثًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذرِ [274] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعَ كلُّ مَن يُحفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ على أنَّ الوَصيَّةَ للوالدَينِ اللذَينِ لا يَرثانِ المرءَ، وللأقرباءِ الذين لا يَرِثونه؛ جائزةٌ). ((الإشراف على مذاهب العُلماء)) (4/403). ،  وابنُ حزْمٍ [275] قال ابنُ حزْمٍ: (اتَّفقوا أنَّه إنْ وصَّى لوالدَينِ له لا يَرثانِه برِقٍّ أو كُفرٍ، أو لأقاربِه الذين لا يَرِثون منه -إنْ كان له أقاربُ- بثُلثيِ الثلُثِ؛ أنَّ وَصيَّتَه تلك وسائرَ وَصاياهُ في باقي مالِه مِن ثُلثِه فيما ليس مَعصيةً، أو فيما أَوصى به لحيٍّ؛ نافذةٌ كلُّها، وأنَّه قد أصاب). ((مراتب الإجماع)) (ص: 112). ، وابنُ عبدِ البَرِّ [276] قال ابنُ عبد البَرِّ: (ولا خِلافَ بين العُلماءِ أنَّ الوَصيَّةَ للأقاربِ أفضلُ مِن الوَصيَّةِ لغيرِهم إذا لم يَكونوا ورثةً، وكانوا في حاجةٍ). ((التمهيد)) (14/300). ، وابنُ تيميَّةَ [277] قال ابنُ تَيميَّةَ: (لو كان للميِّتِ أقاربُ لا يَرِثون، كانت الوَصيَّةُ لهم أَولى مِن الوَصيَّةِ بالعِتقِ. وما أعلَمُ في هذا خلافًا). ((مجموع الفتاوى)) (29/177).

انظر أيضا: