الموسوعة الفقهية

المطلبُ الأولُ: حُكمُ قَبولِ الوصيَّةِ


يُشترَطُ لصحَّةِ الوصيَّةِ القَبولُ مِن الموصَى له إنْ كان مُعيَّنًا، كزَيدٍ مثلًا، ولا يُشترَطُ إذا كان لجِهةٍ، كالفقراءِ الذين لا يُمكنُ حَصرُهم، أو كمَسجدٍ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ [96] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/184)، ((البناية)) للعَيْني (13/403). ، والمالكيَّةِ [97] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/366)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/424)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/507). ، والشَّافعيَّةِ [98] ((روضة الطالبين)) للنووي (6/141، 142)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/37). ، والحنابلةِ [99] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/459)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (4/454).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِنَ الكِتابِ
قولُه تَعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
ظاهرُ الآيةِ ألَّا يكونَ للإنسانِ شَيءٌ بدونِ سَعْيِه، فلو ثبَتَ المِلكُ للموصَى له مِن غَيرِ قَبولٍ، لثَبَتَ مِن غَيرِ سَعيهِ، وهذا مَنفيٌّ إلَّا ما خُصَّ بدليلٍ [100] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/332).
ثانيًا: لأنَّ الوصيَّةَ تَمليكٌ للمالِ بالعقدِ، فلا يَثبُتُ إلَّا بالقَبولِ، أو ما يَقومُ مقامَه، كالهِبةِ [101] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/18)، ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (28/43).
ثالثًا: لأنَّ القولَ بثُبوتِ المِلكِ له مِن غيرِ قَبولِه يُؤدِّي إلى الإضرارِ به مِن وَجهينِ؛ أحدُهما: أنَّه يَلحَقُه ضَررُ المِنَّةِ، ولهذا تَوقَّفَ ثُبوتُ المِلكِ للموهوبِ له على قَبولِه؛ دفْعًا لضَررِ المِنَّةِ. والثاني: أنَّ الموصَى به قد يكونُ شَيئًا يَتضرَّرُ به الموصَى له، كالعبدِ الأعمى، والزَّمِنِ، والمُقعَدِ، ونحوِ ذلك [102] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/332).

انظر أيضا: