الموسوعة الفقهية

المطلبُ الأولُ: الزِّيادةُ في الوصيَّةِ على الثُّلثِ لمَن له وارثٌ


لا تجوزُ الوصيَّةُ بأكثرَ مِن الثُّلثِ لمَن كان له وارثٌ.
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِن السُّنةِ
عن عامرِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ، عن أبيهِ رضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَعودُني عامَ حجَّةِ الوداعِ مِن وجَعٍ اشتدَّ بي، فقلتُ: إنِّي قد بلَغَ بي مِنَ الوَجعِ وأنا ذو مالٍ، ولا يَرِثُني إلَّا ابنةٌ؛ أفأتصدَّقُ بثُلُثَيِ مالي؟ قال: لا. فقلتُ: بالشَّطرِ؟ فقال: لا، ثمَّ قال: الثُّلُثُ، والثُّلثُ كَبيرٌ -أو كثيرٌ-؛ إنَّك أَنْ تَذَرَ ورَثتَك أغنياءَ خيرٌ مِن أنْ تَذَرَهم عالَةً يَتكفَّفونَ الناسَ... )) [12] أخرجه البخاري (1295) واللفظُ له، ومسلم (1628).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
قولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((الثُّلثُ، والثُّلثُ كبيرٌ -أو كثيرٌ-)) دَليلٌ على عدَمِ جَوازِ الوصيَّةِ بأكثرَ مِن الثُّلثِ [13] ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (6/156)، ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (4/43).
ثانيًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشْدٍ [14] قال ابنُ رُشدٍ: (فإنَّ العُلماءَ اتَّفقوا على أنَّه لا تجوزُ الوصيَّةُ في أكثرَ مِن الثلُثِ لمَن ترَكَ ورَثةً). ((بداية المجتهد)) (4/120). ، وابنُ قُدامةَ [15] قال ابنُ قُدامةَ: (لا يجوزُ لمَن له وارثٌ الوصيَّةُ بزِيادةٍ على الثلُثِ؛ لنَهيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَعدًا عن ذلك، فإنْ فَعَلَ وَقَفَ الزائدُ على الثلُثِ على إجازةِ الورثةِ، فإنْ أجازوهُ جازَ، وإنْ رَدُّوه بطَلَ بغَيرِ خلافٍ). ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) (2/266). ، والنوَويُّ [16] قال النَّوويُّ: (أجمَعَ العُلماءُ في هذه الأعصارِ على أنَّ مَن له وارثٌ لا تَنفُذُ وَصيَّتُه بزِيادةٍ على الثلُثِ إلَّا بإجازتِه). ((شرح صحيح مسلم)) (11/77). ، والعَينيُّ [17] قال العَينيُّ: («ولا تَجوزُ» ش: أي الوصيةُ، م: «بما زاد على الثلُثِ» ش: وهذا عندَ وُجودِ الوَرثةِ، بإجماعِ أهلِ العِلمِ عندَ عدَمِ إجازةِ الورَثةِ). ((البناية)) (13/391).
ثالثًا: لِما في الوصيَّةِ بأكثرَ مِن الثُّلثِ لمَن كان له وارثٌ مِن إضرارٍ بإسقاطِ حَقِّ الورَثةِ [18] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (27/139).

انظر أيضا: