الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثالثُ: وقْفُ الكُتبِ


يجوزُ وقْفُ كُتبِ العِلمِ، وهو مَذهبُ المالكيَّةِ [636] ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/643)، ((الشرح الكبير)) للدَّرْدِير (4/85). ، والشافعيَّةِ [637] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/319)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/380). ، والحنابلةِ [638] ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحَيْباني (4/282). ، وعليه الفتوى عندَ الحنفيَّةِ [639]((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (5/218)، ((الفتاوى الهندية)) (2/361)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/366).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنة
عن أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بعَثَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عُمرَ على الصَّدقةِ، فقيل: منَعَ ابنُ جَميلٍ، وخالدُ بنُ الوليدِ، والعبَّاسُ عمُّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما يَنقِمُ ابنُ جَميلٍ إلَّا أنَّه كان فقيرًا فأغناهُ اللهُ، وأمَّا خالدٌ فإنَّكم تَظلِمون خالدًا؛ قد احتَبَسَ أدراعَه وأعتادَه في سبيلِ اللهِ، وأمَّا العبَّاسُ فهي علَيَّ، ومِثلُها معها، ثم قال: يا عمَرُ، أمَّا شعَرْتَ أنَّ عمَّ الرجُلِ صِنْوُ أبيهِ؟! )) [640] أخرجه البخاري (1468)، ومسلم (983) واللفظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ وقْفَ كُتبِ العلمِ مَقيسٌ على السِّلاحُ؛ وذلك لأنَّ فيه نفْعًا مُباحًا مقصودًا، فجازَ وقْفُه كوقْفِ السِّلاحِ [641] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/243).
ثانيًا: مِن الآثارِ
عن عبدِ الله بنِ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: (فما رأَى المسلِمون حَسنًا فهو عندَ اللهِ حسَنٌ، وما رَأَوا سيِّئًا فهو عندَ اللهِ سيِّئٌ ) [642] أخرجه من طُرقٍ: أحمدُ (3600) واللفظُ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3602)،والحاكم (4465). صحَّح إسنادَه الحاكمُ، وقال: (وله شاهدٌ أصَحُّ منه، إلَّا أنَّ فيه إرسالًا)، وأحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (5/211)، وقال ابنُ تيميَّةَ في ((منهاج السنة)) (2/77): (إسنادُه معروفٌ)، وذكَر ثُبوتَه ابنُ القيِّمِ في ((الفروسية)) (299)، ووثَّق رجالَه الهَيْثَميُّ في ((مجمع الزوائد)) (1/182)، وحسَّنه ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (65)، والسَّخاويُّ في ((المقاصد الحسنة)) (431)، والألبانيُّ في ((شرح الطحاوية)) (469)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (856)، وحسَّن إسنادَه شعيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (3600).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ وقْفَ الكتُبِ أصبحَ ممَّا يَتعامَلُ عليه النَّاسُ، ويَتعارَفونه بيْنهم، ويَرَونه حَسنًا [643] يُنظر: ((الدر المختار للحَصْكَفي وحاشية ابن عابدين)) (6/220).
ثالثًا: لأنَّها جِهةٌ مِن جِهاتِ البِرِّ التي يكونُ فيها قُربةٌ [644] يُنظر: ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحَيْباني (4/281، 282).
رابعًا: إلحاقًا لها بالمصحَفِ؛ لأنَّ كلًّا منهما يُمسَكُ للدِّينِ تَعليمًا وتعلُّمًا وقراءةً [645] ((لسان الحكام)) لابن الشحنة (ص: 294).

انظر أيضا: