الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثاني: وقْفُ المَنقولِ [571] المنقول: هو الشَّيءُ الذي يمكِنُ نقْلُه مِن محلٍّ إلى آخَر، ويَشملُ النقودَ والعُروضَ، والحيواناتِ والمكيلاتِ، والموزوناتِ يُنظر: ((مجلة الأحكام العدلية)) (ص: 31)


يجوزُ وقْفُ المنقولِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ [572] أجاز الحنفيَّةُ وقْفَ المنقولِ تبعًا للعقارِ، وأمَّا وقْفُه استِقلالًا، إنْ كان كُراعًا، أو سلاحًا فقدْ أجازوه أيضًا، وفيما سِوى ذلك إنْ كان ممَّا لم يَجْرِ التعامُلُ بوقْفِه -كالثِّيابِ والحيوانِ ونحوِه، والذهبِ والفضَّةِ- لا يجوزُ عندَهم، وإن كان مُتعارَفًا -كالفأسِ والقَدُومِ وثيابِ الجنازةِ، وممَّا يُحتاجُ إليه مِن الأواني والقُدورِ في غسل الموتى، والمصاحفِ- فقد اختَلَفوا فيه. يُنظر: ((الهداية)) للمَرْغِيناني (3/16)، ((فتح القدير)) لابن الهُمام (6/217)، ((الفتاوى الهندية)) (2/360). : المالكيَّةِ [573] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/21)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (8/111). ، والشافعيَّةِ [574] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/314)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/377). ، والحنابلةِ [575] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/243)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/400).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنة
عن أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا: ((مَنِ احتبَسَ فرَسًا في سبيلِ اللهِ، إيمانًا باللهِ، وتَصديقًا بوعْدِه؛ فإنَّ شِبَعَه ورِيَّه ورَوْثَه وبَولَه في مِيزانِه يومَ القيامةِ )) [576] أخرجه البخاري (2853).
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ دَلالةٌ على جوازِ وقْفِ الخَيلِ مِن المنقولاتِ، ويُستنبَطُ منه جوازُ وقْفِ غَيرِ الخَيلِ مِن المنقولاتِ [577] ((فتح الباري)) لابن حجر (6/57).
عن أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بعَثَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عُمَرَ على الصَّدقةِ، فقيل: منَعَ ابنُ جَميلٍ، وخالدُ بنُ الوليدِ، والعبَّاسُ عمُّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما يَنقِمُ ابنُ جَميلٍ إلَّا أنَّه كان فقيرًا فأغناهُ اللهُ، وأمَّا خالدٌ فإنَّكم تَظلِمون خالدًا؛ قد احتَبَسَ أدراعَه وأعتادَه في سبيلِ اللهِ، وأمَّا العبَّاسُ فهي علَيَّ، ومِثلُها معها )) [578] أخرجه البخاري (1468)، ومسلم (983) واللفظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ دليلٌ على جوازِ وقْفِ آلاتِ الحروبِ مِن الدُّروعِ والسُّيوفِ [579] ((معالم السنن)) للخطابي (2/53، 54). ، وهي مِن المنقولاتِ.
عن أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَقتسِمُ وَرَثَتِي دِينارًا، ما ترَكْتُ بعْدَ نَفقةِ نِسائي ومَؤونةِ عامِلي، فهو صدَقةٌ )) [580] أخرجه البخاري (3096)، ومسلم (1760).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه: ((ما ترَكْتُ بعْدَ نَفقةِ نِسائي ومَؤونةِ عامِلي، فهو صَدَقةٌ)) فيه دَلالةٌ على صِحَّةِ وقْفِ المنقولاتِ، وأنَّ الوقْفَ لا يَختصُّ بالعَقارِ [581] ((فتح الباري)) لابن حجر (12/9).
ثانيًا: لأنَّ في المنقولِ نفْعًا مباحًا مقصودًا؛ فجاز وقْفُه، كوقْفِ السِّلاحِ [582] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/243).

انظر أيضا: