الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ السادسُ: الوقْفُ على إطعامِ الحيوانِ


يصِحُّ الوقْفُ على إطعامِ الحيوانِ، وهو مَذهبُ المالكيَّةِ [482] ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (7/، 158، 150)، ((الفواكه الدواني)) للنَّفَراوي (2/163). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (7/88). ، ووجْهٌ للشافعيةِ [483] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/318)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/243). ، وقولُ بعضِ الحنابلةِ [484] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/20). ، واختيارُ الشَّوكانيِّ [485] قال الشَّوكانيُّ: (فمَن وقَف -مثلًا- على إطعامِ نوعٍ مِن أنواع الحيواناتِ المحترَمةِ كان وقْفُه صحيحًا). ((السيل الجرَّار)) (ص: 637). ، وهو قولُ ابنِ عُثيمينَ إذا كان الوقْفُ على جِهةٍ وليس على مُعيَّنٍ، كقولِه: هذا وقفٌ على خُيولِ الجِهادِ [486] قال ابنُ عُثيمين: (قوله: «وحيوان»، مثل أن يقولَ: هذا وقفٌ على فرَسٍ فُلانٍ، فهذا لا يجوزُ؛ لأنَّ الفرَسَ لا يَملِكُ، أمَّا لو قال: على خيولِ الجِهادِ، فهذه جِهةٌ وليست بمعيَّنٍ، فيصِحُّ؛ لأنَّها عامَّةٌ، وكلامُنا على المعيَّنِ، فلا بدَّ أن يكونَ ممن يَملِكُ، لكنْ لو تأمَّلْتَ مقصودَ الواقف حينَما قال: «هذا وقْفٌ على الفَرَس الفُلانيِّ» وهو يريدُ أن يَنفعَ هذا الفرَسَ؛ لأنَّه يقاتِلُ عليه في سبيلِ الله؛ فهنا يصِحُّ، على ما نراهُ). ((الشرح الممتع)) (11/30).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنة
عن أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((بيْنا رجُلٌ يَمشي، فاشتدَّ عليه العطَشُ، فنزَلَ بِئرًا، فشرِبَ منها، ثم خرَجَ فإذا هو بكلْبٍ يَلهَثُ يَأكُلُ الثَّرى من العطَشِ، فقال: لقد بَلَغَ هذا مِثلُ الذي بَلَغَ بي، فملَأَ خُفَّه، ثم أمسَكَه بفِيهِ، ثم رقِيَ، فسَقى الكلْبَ، فشَكَرَ اللهُ له، فغفَرَ له، قالوا: يا رسولَ الله، وإنَّ لنا في البهائمِ أجْرًا؟ قال: في كلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أجرٌ )) [487] أخرجه البخاري (2363) واللفظُ له، ومسلم (2244).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه: ((في كلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أجرٌ)) فيه دَلالةٌ على أنَّ مَن وقَفَ إطعامَ نوعٍ مِن أنواعِ الحيواناتِ المحترَمةِ كان وقْفُه صحيحًا [488] ((السيل الجرَّار)) للشوكاني (ص: 637).
ثانيًا: لأنَّه كالوقْفِ على القَنطرةِ والسِّقايةِ [489] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/20). والقَنطرةُ بمعنَى الجِسرِ، وهو: ما يُبنى على الماءِ ونحوِه للعبورِ. يُنظر: ((المخصص)) لابن سِيدَهْ (2/463)، ((المغرب)) للمُطَرِّزي (ص: 388). والساقيةُ: النَّهرُ الصغيرُ، ويُقالُ أيضًا: قناةُ الماءِ الصغيرةُ، وتُتَّخذُ لسَقْيِ الأرضِ وإرواءِ الزروعِ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (14/391)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (5/280).

انظر أيضا: