الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثاني: اشتِراطُ القَبولِ في الوقْفِ على مُعيَّنٍ


اختَلَف العُلماءُ في اشتراطِ القَبولِ في الوقْفِ على مُعيَّنٍ؛ على قولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: لا يُشترَطُ القَبولُ مِن الموقوفِ عليهم إذا كانوا مُعيَّنينَ [54] كشخصٍ معيَّنٍ، أو جماعةٍ محصورةٍ. ، وهو مَذهبُ الحنابلةِ [55] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/252). ، وهو وجه للشافعيَّةِ اختاره النَّوويُّ في ((الرَّوضةِ)) [56] ((روضة الطالبين)) للنووي (10/144)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/251). ، وهو قولُ ابنِ القيِّمِ [57] قال ابنُ القيِّمِ: (لا يُشترطُ فيه القَبولُ إذا كان على جهةٍ اتِّفاقًا، وكذلك إذا كان على آدَميٍّ معيَّنٍ، في أقوى الوجهينِ؛ وما ذاك إلَّا لشَبَهِه بالعِتقِ). ((إغاثة اللهفان)) (2/17).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه إزالةُ مَلْكٍ يَمنَعُ البَيعَ والهِبةَ والميراثَ؛ فلم يُعتبَرُ فيه القَبولُ، كالعِتقِ، وبهذا فارَقَ الهِبةَ والوصيَّةَ [58] ((المغني)) لابن قُدامة (6/5).
ثانيًا: لأنَّ رَقَبةَ الوقْفِ يَنتقِلُ ملْكُها إلى اللهِ تَعالى؛ فلا تَفتقِرُ إلى قَبولِ أحدٍ [59] ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّة (6/99).
ثالثًا: لأنَّه أحدُ نَوعَيِ الوقْفِ؛ فلم يُشترَطُ له القَبولُ، كالوقْفِ على غيرِ مُعيَّنٍ [60] ((المغني)) لابن قُدامة (6/5).
القولُ الثَّاني: يُشترَطُ القَبولُ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: الحنفيَّةِ [61] ((حاشية ابن عابدين)) (4/342). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازَةَ (6/230)، ((الإسعاف في أحكام الأوقاف)) لإبراهيم الطرابلسي (ص: 17). ، والمالكيَّةِ [62] ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/632)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (8/113). ، والأصحُّ عندَ الشافعيَّةِ [63] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/251)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/383). ، ووجْهٌ للحَنابلةِ [64] ((المغني)) لابن قُدامة (6/5). ، وقوَّاه ابنُ عُثيمين [65] قال ابن عُثيمين: (قوله: «لا قَبولُه» نصٌّ على نَفيِ كَونِ القَبولِ شرطًا؛ لأنَّ مِنَ العلماءِ مَنقال: إنَّ الوقفَ على مُعيَّنٍ يُشترطُ قَبولُ المعيَّنِ له، وهذا القولُ جيِّدٌ؛ لأنَّنا كيف نُلزِمُ الشَّخصَ أن يُدخِلَ ملكَه هذا الشَّيءَ بدُونِ رِضاهُ؟! فإذا قال: أنا لا أقبَلُ، كما لا أقبَلُ أن تُهدِيَ لي هديةً، أو تَهَبَ لي هبةً، لا أقبَلُ أن تُوقِفَ علَيَّ شيئًا، فالقولُ بأنَّه لا بُدَّ مِن قَبولِ المعيَّنِ إذا وُقِف عليه الوقفُ قَولٌ قويٌّ، أقوى مِنَ القَولِ بعدَمِ اشتِراطهِ). ((الشرح الممتع)) (11/31، 32).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه تَبرُّعٌ لآدَميٍّ مُعيَّنٍ، فكان مِن شرْطِه القَبولُ، كالهِبةِ والوصيَّةِ [66] ((المغني)) لابن قُدامة (6/5).
ثانيًا: لأنَّه لا يُمكِنُ إلزامُ مُعيَّنٍ على قَبولِ شَيءٍ يَدخُلُ في مِلْكِه دونَ رِضاه [67] ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (11/31، 32).

انظر أيضا: