الموسوعة الفقهية

الفصلُ الأولُ: حُكمُ الوقْفِ


الوقْفُ مُستحَبٌّ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: المالكيَّةِ [39] ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (7/626)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/263)، ((الشرح الكبير)) للدَّرْدِير (4/75)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (8/108). ، والشافعيَّةِ [40] ((المهذب)) للشِّيرازي (2/322)، ((كفاية النبيه)) لابن الرِّفْعة (12/5)، ((كفاية الأخيار)) للحسيني (ص: 304). ، والحنابلةِ [41] ((المبدِع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (5/233)، ((الإقناع)) للحَجَّاوي (3/2)، ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (04/241)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/397). ، ونُقِلَ الإجماعُ على مَشروعيَّتِه [42] قال الترمذيُّ: (العملُ على هذا عندَ أهلِ العِلمِ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وغَيرِهم، لا نَعلَمُ بيْن المتقدِّمينَ منهم في ذلك اختلافًا في إجازةِ وقْفِ الأرَضينَ وغَيرِ ذلك). ((سنن الترمذي)) (3/652). وقال الجُوينيُّ: (الأصلُ في الوقفِ السُّنَّةُ، وإجماعُ الأُمَّةِ... وأجمَع المسلمون على أصلِ الوَقفِ، وإنِ اختَلَفوا في التَّفصيلِ). ((نهاية المطلب في دراية المذهب)) (8/339، 340). وقال السَّمَرْقَنْديُّ: (أجمَع العُلماءُ أنَّ مَن وقَف أرضَه أو دارَه مسجدًا -بأن قال: جعَلْتُ هذه الأرضَ مسجدًا يُصلِّي فيه النَّاسُ- أنَّه جائزٌ). ((تحفة الفقهاء)) (3/375). وقال ابنُ قُدامةَ: (قال الحُمَيْديُّ: تصدَّق أبو بكرٍ رضي الله عنه بدارِه على ولَدِه، وعُمرُ برَبْعِه عندَ المَروةِ على ولَدِه، وعُثمانُ برُومةَ، وتصدَّق عليٌّ بأرضِه بيَنْبُعَ، وتصَدَّق الزُّبَيرُ بدارِه بمكَّةَ ودارِه بمِصرَ وأموالِه بالمدينةِ على ولَدِه، وتصدَّق سعدٌ بدارِه بالمدينةِ ودارِه بمِصرَ على ولدِه، وعَمرُو بنُ العاصِ بالوَهْطِ ودارِه بمكَّةَ على ولَدِه، وحكيمُ بنُ حِزامٍ بدارِه بمكَّةَ والمدينةِ على ولَدِه، فذلك كلُّه إلى اليَومِ. وقال جابرٌ: لم يكُنْ أحدٌ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذو مَقدِرةٍ إلَّا وقَفَ. وهذا إجماعٌ منهم؛ فإنَّ الَّذي قدَر منهم على الوقْفِ وقَفَ، واشتُهِر ذلك، فلمْ يُنكِرْه أحدٌ؛ فكان إجماعًا). ((المغني)) (6/4). وقال القُرطبيُّ: (فإنَّ المسألةَ إجماعٌ مِنَ الصَّحابةِ؛ وذلك أنَّ أبا بكرٍ وعُمرَ، وعثمانَ وعلِيًّا، وعائشةَ وفاطمةَ، وعَمرَو بنَ العاصِ، وابنَ الزُّبيرِ وجابرًا؛ كلُّهم وقَفوا الأوقافَ، وأوقافُهم بمكَّةَ والمدينةِ معروفةٌ مشهورةٌ). ((تفسير القُرطبي)) (6/339). وقال النَّوويُّ في صحَّةِ الوقفِ: (وبه قالت الأُمَّةُ بأَسْرِها، إلَّا أبا حنيفةَ وبعضَ الكوفيِّينَ). ((شرح مسلم)) (7/56). وقال العُثمانيُّ: (هو قُربةٌ جائزةٌ بالاتِّفاقِ). ((رحمة الأمة)) (ص: 174).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الكتاب
قولُه تَعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[الحج: 77]
قولُه تَعالى: وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ[آل عمران: 115]
وَجهُ الدَّلالةِ مِن الآيتينِ:
أنَّ اللهَ تَعالى ندَبَ إلى فِعلِ الخَيرِ عُمومًا، ومنه الوقْفُ؛ لأنَّه خيرٌ [43] ((كفاية النبيه)) لابن الرِّفْعة (12/5).
ثانيًا: مِن السُّنة
عن ابنِ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أصاب عُمرُ بخَيبرَ أرْضًا، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: أصبْتُ أرضًا لم أُصِبْ مالًا قطُّ أنفَسَ منه، فكيفَ تأْمُرني به؟ قال: إنْ شِئتَ حَبَّسْتَ أصْلَها، وتصدَّقْتَ بها. فتَصدَّقَ عُمرُ أنَّه لا يُباعُ أصْلُها ولا يُوهَبُ ولا يُورَثُ، في الفقراءِ والقُربى والرِّقابِ، وفي سَبيلِ اللهِ والضَّيفِ وابنِ السَّبيلِ، ولا جُناحَ على مَن وَلِيَها أنْ يَأكُلَ منها بالمعروفِ، أو يُطعِمَ صَديقًا غيرَ مُتموِّلٍ فيه )) [44] أخرجه البخاري (2772) واللفظُ له، ومسلم (1632).
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ فَضيلةُ الوقْفِ، وأنَّه مِن الصَّدقاتِ الجاريةِ [45] ((الكواكب الدراري)) للكرماني (12/57)، ((شرح المشكاة)) للطِّيبي (7/2224).
ثالثًا: لأنَّه ممَّا يُتقرَّبُ به إلى اللهِ [46] ((الروض الندي شرح كافي المبتدي)) للبَعْلي (ص: 296).
رابعًا: لأنَّه لو كان في جِهةٍ مشروعةٍ كان مِن ضِمنِ الصَّدقاتِ، وهي مُستحَبَّةٌ [47] ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (11/7).

انظر أيضا: