الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الثَّاني: تحديدُ المساجِدِ الثَّلاثةِ


يَلزَمُ الناذِرَ إتيانُ المساجِدِ الثَّلاثةِ إنْ حدَّدَها في نذْرِه، فإنْ عَيَّنَ الأفضَلَ مِن هذه المَساجِدِ لم يَجْزِه فيما دُونَه [287] بمعنَى: إذا عَيَّنَ المَسجِدَ الحرامَ لم يَجزِ في المَسجِدِ النَّبويِّ، ولا في المَسجِدِ الأقصى، وإنْ عَيَّنَ المَسجدَ النَّبويَّ جازَ فيه وفي المَسجدِ الحرامِ، وإنْ عَيَّنَ المَسجدَ الأَقصى جازَ فيه وفي المَسجدِ النَّبويِّ وفي المَسجدِ الحرامِ. ، وهو مذهَبُ الجمهورِ: المالكيَّةِ [288] ((شرح الزُّرقاني على مختصر خليل وحاشية البَنَّاني)) (2/397)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (1/547). ، والشافعيَّةِ [289] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 80)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (3/466). ، والحنابِلة [290] ((الفروع)) لبرهان الدين ابن مُفلح (5/151)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (2/353). ، وقولُ زُفَرَ مِنَ الحَنفيَّةِ [291] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (3/122).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رجُلًا قامَ يَومَ الفَتحِ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي نَذَرْتُ للهِ إنْ فَتَحَ اللهُ عليكَ مكَّةَ أنْ أُصلِّيَ في بَيتِ المَقدِسِ رَكعتَينِ، قال: صَلِّ هاهُنا. ثمَّ أعاد عليه، فقال: صَلِّ هاهُنا. ثمَّ أعاد عليه، فقال: شأنَكَ إذَنْ )) [292] أخرجه أبو داود (3305) واللَّفظُ له، وأحمد (14939). صحَّح إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (8/473)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/374). وصحح الحديثَ ابنُ دقيقِ العيدِ في ((الاقتراح)) (112)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (9/509)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3305)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (266)، وقال: على شرط مسلم.
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ فيه دَلالةٌ على أنَّ النَّاذِرَ إذا نَذَرَ الأَدْنى -كأنْ يَنذِرَ الصَّلاةَ ببَيتِ المَقدِسِ- جازَ أنْ يَفعَلَها في الأعلى، بأنْ يُصلِّيَ في المَسجِدِ الحرامِ أو في المَسجِدِ النَّبويِّ؛ لأنَّهما أفضَلُ، وأمَّا إذا نذَرَ الأعلى -كأنْ يَنذِرَ الصَّلاةَ في المَسجِدِ الحرامِ- فإنَّه لا يَجوزُ له أنْ يَفعَلَها في الأَدنى؛ لأنَّه نَقَص عن الوَصفِ الَّذي نَذَرَه [293] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (2/353). ويُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/520).
ثانيًا: لِما مِن فضلِ العِبادةِ فيها على غَيرِها [294] ((الفروع)) لشمس الدين ابن مُفلح (5/151)، ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مُفلح (3/11)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (2/353).

انظر أيضا: