الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: تَخصيصُ العامِّ في نِيَّةِ الحالِفِ


نِيَّةُ الحالِفِ تُخَصِّصُ العامَّ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ في الجُملةِ [626] مثالُه: أن يقولَ: واللهِ لا أكَلِّمُ أحدًا، ونوى زيدًا، أو يَحلِفَ لا يأكُلُ لَحمًا ولا فاكِهةً، ويريدُ لَحمًا بعَينِه، وفاكِهةً بعَينِها، أو أن يَحلِفَ على فِعلِ شَيءٍ أو تَركِه، وينوي في وَقتٍ، مِثلُ: أن يَحلِفَ لا يأكُلُ، ويُريدُ اليَومَ. : الحَنفيَّةِ [627] عند الحَنفيَّةِ: النيَّةُ تُخصِّصُ العامَّ في اليمينِ ديانةً وقَضاءً إن كان الحالِفُ مَظلومًا. ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (4/356)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/293، 784). ، والمالِكيَّةِ [628] عند المالِكيَّةِ: مُقَيَّدٌ بالأحوالِ التي لا يُراعى فيها نيَّةُ المُستَحلِفِ، فإذا كانت اليمينُ مِمَّا تُراعى فيه نيَّةُ الحالِفِ فإنَّ نيَّتَه تُخصِّصُ العامَّ، وتُقَيِّدُ المُطلَقَ، وتُبَيِّنُ المُجمَلَ. ((مختصر خليل)) (ص: 83)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/427)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/136، 139)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/39، 47). ، والشَّافِعيَّةِ [629] ((روضة الطالبين)) للنووي (11/81 ،82). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (4/273). ، والحَنابِلةِ [630] عندَ الحنابلةِ: اليَمينُ على نيَّةِ الحالِفِ إن لم يكنْ ظالِمًا، واستحلفه الحاكِمُ، إذا احتمَلَها لَفظُه، إن كان الاحتِمالُ قَريبًا مِن الظَّاهِرِ أو مُتوسِّطًا ولم يكُنْ بَعيدًا، فإنْ لم يحتَمِلْ أصلًا لم تنصَرِفْ يمينُه إليه، بل تنصَرِفُ إلى ظاهِرِ اللَّفظِ. ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/335)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/245، 246)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/379).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امرئٍ ما نوى ...)) [631] أخرجه البخاري (1) واللَّفظُ له، ومسلم (17).
ثانيًا: أنَّه نوى بكَلامِه ما يحتَمِلُه، ويَسوغُ له في اللُّغةِ التَّعبيرُ به عنه، فيَنصَرِفُ يمينُه إليه كالمعاريضِ، وأنَّه يَسوغُ في كلامِ العَرَبِ التَّعبيرُ بالخاصِّ عن العامِّ [632] ((المغني)) لابن قدامة (9/565، 566).
ثالثًا: أنَّ كلامَ الشَّارعِ يُحمَلُ على مُرادِه إذا ثَبَت ذلك بالدَّليلِ، فكذلك كلامُ غَيرِه [633] ((المغني)) لابن قدامة (9/566).

انظر أيضا: