الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: تعليقُ اليَمينِ على الحَرامِ [409] معناه: أن يُحرِّمَ الشَّيءَ مانِعًا نَفْسَه منه، أو ممتَنِعًا منه، واللَّفظانِ بمعنًى واحدٍ، أي: يَقصِدُ الامتناعَ فقط، كأن يقولَ: حرامٌ علَيَّ أن آكُلَ طعامَك يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيمين (15/149) وليس المقصودُ أن يَستحِلَّه؛ فإنَّ استِحلالَه كُفرٌ، وقد مضى بيانُ تعليقِ اليَمينِ على الكُفرِ، ولا يدخُلُ في هذه المسألةِ تحريمُ الزَّوجةِ؛ لأنَّ تحريمَ الزَّوجةِ مَسألةٌ أخرى


تَنعقِدُ اليَمينُ إذا عُلِّقَت على حرامٍ، وتجِبُ بها الكفَّارةُ إذا حَنِثَ، وهو مَذهَبُ الحَنفيَّةِ [410] ((الهداية)) للمَرْغِيناني (2/75)، ((البناية شرح الهداية)) للعَيْني (6/140). ، والحَنابِلةِ [411] ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/336)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/240)، ((شرح منتهى الإرادات)) له أيضًا (3/445). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/508، 509). ، وهو قَولُ جُمهورِ الصَّحابةِ [412] قال ابنُ قُدامةَ: (ويُروى نحوُ هذا عن ابنِ مَسعودٍ، والحسَنِ، وجابرِ بنِ زَيدٍ، وقَتادةَ، وإسحاقَ، وأهلِ العراقِ). ((المغني)) (9/508). وقال ابنُ تيميَّةَ: (أفتى جمهورُ الصَّحابةِ؛ كعُمَرَ، وعثمانَ، وعبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ، وعبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، وغَيرِهم: أنَّ تحريمَ الحلالِ يمينٌ مُكَفَّرةٌ). ((الفتاوى الكبرى)) (4/129). ، واختاره ابنُ تيميَّةَ [413] قال ابنُ تيميَّةَ: (الحالِفُ بالحرامِ يُجزيه كفَّارةُ يمينٍ). ((الفتاوى الكبرى)) (3/226، 227). ، وابنُ القَيِّم [414] قال ابنُ القيم: (مَن حرَّم شيئًا فهو بمنزلةِ مَن حَلَف بالله على تَركِه، ولو حَلَف على تركِه لم يَجُزْ له هَتكُ حُرمةِ المحلوفِ به، بفِعلِه، إلَّا بالتزامِ الكفَّارةِ، فإذا التزَمَها جازَ له الإقدامُ على فِعلِ المحلوفِ عليه). ((زاد المعاد)) (5/285، 286). ، وابنُ باز [415] قال ابنُ باز: (إذا قال: حرامٌ بالله أن تقومَ، ولا قامَ، عليه كفَّارةُ يمينٍ، حرامٌ باللهِ أن تأكُلَ طَعامًا، ولا أكَلَ؛ عليك كفَّارةُ يَمينٍ). ((فتاوى نور على الدرب)) (4/87). وقال أيضًا: (الإنسانُ إذا حرَّم شيئًا أباحه اللهُ يَكونُ عليه كفَّارةُ يمينٍ، فإذا قال مثلًا: هذا الطَّعامُ علَيَّ حرامٌ، أو هذا الكلامُ علَيَّ حرامٌ، أو دخولُ بَيتِ فُلانٍ عليَّ حرامٌ، أو طعامُه عليَّ حرامٌ: يكون عليه كفَّارةُ يَمينٍ). ((فتاوى نور على الدرب)) (22/83). ، وابنُ عُثَيمين [416] قال ابنُ عُثَيمين: (إذا حرَّم الإنسانُ شَيئًا حلالًا بقَصدِ الامتِناعِ، فلا يَحرُمُ، مِثلُ لو قال: حرامٌ علَيَّ أن آكُلَ طعامَك، فنقولُ: الطَّعامُ حلالٌ لك، لم يحرُمْ، وعليه كفَّارةُ يمينٍ إنْ فَعَله؛ لأنَّ قَصْدَه هنا أن يمتنِعَ مِن أكلِه). ((الشرح الممتع)) (15/150).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قولُه تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم: 1] إلى قَولِه: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم: 2]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى سمَّى تحريمَ ما أحَلَّ اللهُ يَمينًا، وفرَضَ له تَحِلَّةً، وهي الكفَّارةُ [417] ((المغني)) لابن قدامة (9/508).
ثانيًا: أنَّ مَن حرَّم شيئًا فهو بمنزلةِ مَن حَلَف باللهِ على تَرْكِه، ولو حلَفَ على تَركِه لم يَجُزْ له هَتكُ حُرمةِ المحلوفِ به، بفِعلِه، إلَّا بالتزامِ الكَفَّارةِ [418] ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّةَ (3/226، 227).

انظر أيضا: