الموسوعة الفقهية

المطلب الأوَّل: النِّيَّة


لا يصحُّ التيمُّمُ إلَّا بنيَّة، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/36)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (1/129). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/154)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 19). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/220)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/97). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/173)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/121). ، وهو اختيارُ ابنِ حَزمٍ قال ابنُ حزم: (صفةُ التيمُّم للجنابة، وللحَيض، ولكلِّ غُسلٍ واجب، وللوضوءِ؛ صفةُ عملٍ واحد، إنَّما يجِبُ في كلِّ ذلك أن ينويَ به الوجهَ الذي تيمَّم له، من طهارةٍ للصَّلاة، أو جَنابةٍ، أو إيلاجٍ في الفرج، أو طهارةٍ من حيض، أو من نِفاسٍ، أو ليوم الجُمُعة، أو من غُسلِ الميِّت) ((المحلى)) (1/368). ، وبه قال بعضُ السَّلف قال شمس الدين ابن قدامة: ("والنيَّةُ شرْطٌ لطهارةِ الحدَث كلِّه" الغُسلُ والوضوء والتيمُّم... رُوي ذلك عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، وهو قولُ مالكٍ، وربيعةَ، واللَّيث، والشافعيِّ، وإسحاق، وأبي عُبيد، وابنِ المُنذِر، وقال الثوريُّ وأصحاب الرَّأي: تُشتَرَطُ النيَّةُ في التيمُّم دونَ طَهارةِ الماء) ((الشرح الكبير)) (1/121). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن قدامة: (لا نعلم خلافًا في أنَّ التيمُّم لا يصحُّ إلَّا بنيَّةٍ، غيرَ ما حُكي عن الأوزاعيِّ، والحسن بن صالح: أنَّه يصحُّ بغير نيَّة، وسائرُ أهل العلم على إيجابِ النيَّة فيه). ((المغني)) (1/185). قال ابن حجر: (استُدِلَّ بالآيةِ على وجوبِ النيَّة في التيمُّم؛ لأنَّ معنى فَتَيَمَّمُوا: اقصِدُوا، كما تقدَّمَ، وهو قول فقهاءِ الأمصارِ إلَّا الأوزاعيَّ) ((فتح الباري)) (1/434).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قولُ الله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء: 43]
وجه الدَّلالة:
أنَّ التيمُّمَ في اللُّغة هو القَصدُ، والقصدُ هو النيَّة؛ ولذا لم يخالفِ الحنفيَّةُ في اشتراطِ النيَّة للتيمُّمِ مع خلافِهم في اشتراطِها في الطَّهارة المائيَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/36)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (1/129)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/358).
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن عُمرَ بنِ الخطَّاب رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى )) رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907).
وجه الدَّلالة:
 أنَّه نفى أن يكونَ له عملٌ شرعيٌّ بدونِ النِّيَّة ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/121).
ثالثًا: أنَّها طهارةٌ عن حدَث، فلم تصحَّ بغيرِ نيَّة ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/121).
رابعًا: أنَّها قُربةٌ إلى الله تعالى، وطاعةٌ وامتثالُ أمر، ولا يحصُلُ ذلك بغيرِ نيَّة، كالصَّلاة ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/121).

انظر أيضا: